للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدن" (١)، ومعلوم أنَّ الجنتين الذهبيتين أعلى وأفضل من الفضيتين، فإذا كانت الجنَّتان الذهبيتان للظالمين لأنفسهم، فمن يسكن الجنَّتين الفضيتين؟ فعُلِمَ أنَّ هذه الجنَّات المذكورة لا تتناول الظالمين لأنفسهم.

قالوا: وأيضًا فإنَّ أقرب المذكورات إلى ضمير الداخلين هم السابقون بالخيرات، فوجبَ اختصاصهم بالدخول إلى الجنَّاتِ المذكورة (٢).

قالوا: وفي اختصاصهم -بعد ذكر الأقسام- بذكر ثوابهم، والسكوت عن الآخرين ما هو معلوم من طريقة القرآن، إذ يصرِّح بذكر ثواب الأبرار والمتقين والمخلصين والمحسنين ومن رجحت حسناتهم، وبذكر (٣) عقاب الكفَّار والفجَّار والظالمين لأنفسهم ومن خفَّت موازينهم، ويسكت عن القسم الذي فيه شائبتان وله مادَّتان. هذه طريقة القرآن، كقوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} [الانفطار/ ١٣ - ١٤]، وقوله: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (٣٧) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)} [النازعات/ ٣٧ - ٤١] وهذا كثير في القرآن.

قالوا: وفي السكوت عن شأن صاحب الشائبتين تحذير عظيم وتخويف له، فإنَّ (٤) أمره مرجأٌ إلى اللَّه، وليس له (٥) عليه ضمان، ولا له


(١) أخرجه البخاري في التفسير (٤٨٧٨) وغيره، ومسلم في الإيمان (١٨٠) عن أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه.
(٢) "ب، ك، ط": "المذكورات".
(٣) معطوف على "بذكر ثوابهم"، وفي "ف" وغيرها: "يذكر".
(٤) "ط": "بأنَّ".
(٥) "له": ساقط من "ك، ط".