للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيئة يكفِّرها، ولا ريبَ أنَّها للنفس (١).

وقال موسى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦)} [القصص/ ١٦]. وقال آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} [الأعراف/ ٢٣]. وقال يونس: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧)} [الأنبياء/ ٨٧]. وقال تعالى: {إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١)} [النمل/ ١٠ - ١١].

وإذا كان ظلم النفس لا ينافي الصدِّيقيّة والولاية، ولا يُخرِج العبد عن كونه من المتّقين، بل يجتمع فيه الأمران: يكون وليًّا للَّه صدِّيقًا متّقيًا، وهو مسيء ظالم لنفسه = عُلِمَ أنَّ ظلمَه لنفسه لا يُخرجه عن كونه من الذين اصطفاهم اللَّه من عباده وأورثَهم كتابَه، إذ هو مصطفًى من جهة كونه من ورثة الكتاب علمًا وعملًا، ظالمٌ لنفسه من جهة تفريطه في بعض ما (٢) أُمر به وتعدِّيه بعضَ ما نهي عنه. كما يكون الرجل وليًّا للَّه محبوبًا له من جهة، ومبغوضًا له من جهة أخرى. وهذا عبد اللَّه حمار (٣) كان يُكثر شربَ الخمر، واللَّه يبغضه من هذه الجهة؛ ويحبُّ اللَّه ورسولَه، واللَّهُ يحبُّه ويواليه من هذه الجهة. ولهذا نهى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من لعنته (٤)، وقال: "إنَّه يحبُّ اللَّه ورسوله" (٥).


(١) "ب": "ظلم النفس".
(٢) "ط": "ممّا".
(٣) "حمار" لقب عبد اللَّه كما في صحيح البخاري. وكان يضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وانظر: الإصابة (٢/ ١١٧).
(٤) "ف": "لعنه"، خلاف الأصل.
(٥) من حديث عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، أخرجه البخاري في كتاب =