للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ذلك إلى آخره، فجوابه من وجهين:

أحدهما: أنَّ هذا بعينه وارد عليكم، فإنَّ المقتصد من أهل الجنَّات، ومعلوم أنَّ جنَّات السابقين بالخيرات أعلى وأفضل من جنَّاته (١). فما كان جوابكم عن المقتصد فهو الجواب بعينه عن الظالم لنفسه، فإنَّ التفاوت حاصل بين جنَّات الأصناف الثلاثة، ويختصُّ كلُّ صنفٍ بما يليق بهم (٢) ويقتضيه مقامُهم وعلمهم.

الجواب الثاني: أنَّه سبحانه ذكر جزاءَ السابقين بالخيرات هنا مشوِّقًا لعباده إليه منبِّهًا لهم على مقداره وشرفه، وسكت عن جزاءِ الظالمين لأنفسهم والمقتصدين، ليحذر الظالمون ويجدَّ (٣) المقتصدون.

وذكر في سورة الإنسان جزاءَ الأبرار منبِّهًا به (٤) على ما هو أعلى وأجل منه، وهو جزاءُ المقرَّبين السابقين، ليدلّ على أنَّ هذا (٥) إذا كان جزاء الأبرار (٦) المقتصدين فما الظنّ بجزاءِ المقربين السابقين؟ فقال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥)} إلى قوله: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (١٥) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} إلى قوله: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١)} [الإنسان/ ٥ - ٢١].


(١) "ب": "جنات الظالم"، خطأ.
(٢) "ف": "به" سهو.
(٣) "ب": "يحذر"، تحريف.
(٤) "به" ساقط من "ط".
(٥) "ب": "أنَّه".
(٦) "ط": "للأبرار".