للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به فهو خِلْوٌ من الأمرين، فلا ريبَ أنَّ العالم به خير من الجاهل، وإن كان العالم المتّصف به خيرًا منهما، فينبغي أن يُعطى كلُّ ذي حقٍّ حقَّه، وينزَّل في مرتبته.

ومنها أنَّه إذا كان العلمُ بهذا الشأن همَّه ومطلوبَه، فلا بدَّ أن ينال منه بحسب استعداده، ولو لَمْظَةً (١)، ولو بارقةً، ولو أنَّه يحدِّث نفسَه بالنهضة إليه.

ومنها أنَّه لعله يجري منه على لسانه ما ينتفِع به غيرُه بقصده أو بغير قصده، واللَّه لا يضيع مثقال ذرَّة، فعسى أن يُرحَم بذلك العامل.

وبالجملة ففوائد العلم بهذا الشأن لا تنحصر، فلا ينبغي أن تصغي إلى من يثبّطك (٢) عنه، ويقول (٣): إنَّه لا ينفع. بل احذره، واستعن باللَّه، ولا تعجز، ولكن لا تغترّ، وفرِّق بين العلم والحال، وإيَّاك أن تظنّ أنَّ بمجرد علم هذا الشأن قد صرتَ من أهله. هيهات! ما أظهر الفرق بين العالم (٤) بوجوه الغنى وهو فقير، وبين الغني بالفعل، وبين العالم بأسباب الصحة وحدودها وهو سقيم، وبين الصحيح بالفعل!

فاسمع الآن وصفَ القومِ، وأحضِر ذهنك لشأنهم العجيب وخطرهم


(١) كذا في الأصل و"ف، ك". وفي "ب": "لمعة" ولكن ذكر في الحاشية أنَّ في النسخة: "لمظة". وهي من لَمَظَ الماء: ذاقه بطرف لسانه. والُلماظة: مايبقى في الفم من طعام، وقد يستعار لبقية الشيء القليل. انظر: اللسان (لمظ) (٧/ ٤٦٢). وفي "ط": "لحظة".
(٢) "ب": "يثبط".
(٣) "ط": "تقول"، خطأ.
(٤) "ك، ط": "العلم".