للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتضمّن (١) العنايةَ بهذا العبد إنّما فيه سترُ ذنوبه عليه في الدنيا ومغفرتُها له يوم القيامة، ولم يقل له: وأعطيُتك بكلّ سيّئة منها حسنة؛ فدل على أن غاية السيّئات مغفرتُها وتجاوزُ اللَّه عنها.

وقد قال تعالى في حقّ الصادقين: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥)} [الزمر/ ٣٥]. فهؤلاءِ خيار الخلق، وقد أخبر (٢) أنّه يكفر عنهم سيئاتِ أعمالهم، ويجزيهم بأحسن ما عملوا (٣)، وأحسن ما عملوا إنّما هو الحسنات لا السيّئات؛ فدلّ على أن الجزاء بالحسنى إنّما يكون على الحسنات وحدها. وأمّا السيّئات فحسبُها أن تلغى (٤) ويبطلَ أثرها.

قالوا: وأيضًا فلو انقلبت السيّئات أنفسها حسناتِ في حق التائب لكان أحسن حالًا من الذي لم يرتكب منها شيئًا، وأكثرَ حسناتِ منه، لأنّه إذا (٥) شاركه في حسناته التي فعلها، وامتاز عنه بتلك السيّئات، ثمّ انقلبت له حسناتٍ، ترجَّحَ عليه. وكيف (٦) يكون صاحبُ السيّئات أرجحَ ممّن لا سيّئة له؟

قالوا: وأيضًا فكما أنّ العبد إذا فعل حسناتٍ، ثمّ أتى بما يُحبِطها،


= (٢٧٦٨).
(١) "ب، ك، ط": "تضمن".
(٢) "ك، ط": "أخبر عنهم".
(٣) "ط": "يعملون".
(٤) "ط": "السيئات فان تلغى".
(٥) "ب": "إذا أسيء". "ك، ط": "إذا أساء" وهي زيادة لا معنى لها.
(٦) "ب": "فكيف".