للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زهدًا فيها.

ومن هذا الأثر المشهور، وقد روي مرفوعًا وموقوفًا: "ليس الزهدُ في الدنيا بتحريم الحلال، ولا إضاعةِ المال، ولكنّ الزهدَ في الدنيا أن تكون بما في يد اللَّه أوثقَ منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أُصِبْتَ بها أرغبَ منك فيها لو أنَّها بقيتْ لك" (١).

والذي يصحّح هذا الزهد ثلاثةُ أشياء:

أحدها: علم العبد أَّنها ظلٌّ زائل، وخيالٌ زائر، وأنَّها كما قال تعالى فيها: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} [الحديد/ ٢٠] (٢).

وقال تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤)} [يونس/ ٢٤].

وقال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ


(١) أخرجه الترمذي (٢٣٤٠) وقال فيه: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلآ من هذا الوجه. . . وعمرو بن واقد منكر الحديث"، وابن ماجه (٤١٠٠)، وابن عدي في الكامل (٦/ ٢٠٨) من حديث أبي ذر مرفوعًا، وسنده ضعيف جدًّا. والصواب أنَّه من قول أبي مسلم الخولاني، أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد (١٨) من حديث الخولاني موقوفًا عليه. (ز).
(٢) أثبت الآية في "ط" من أولها: {اعْلَمُوا أَنَّمَا. . .}.