للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتوكّلُ مصاحبٌ للصادق من أوّل قدم يضعه في الطريق إلى نهايته، وكلَّما ازداد قربُه وقوِي سيرُه ازداد توكّله. فالتوكّل مَركَبُ السائر الذي لا يتأتّى له السيرُ إلا به، ومتى نزل عنه انقطع لوقته.

وهو من لوازم الايمان ومقتضياته. قال اللَّه تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣)} [المائدة/ ١٢٣]. فجعل التوكّل شرطًا في الإيمان، فدلَّ على انتفاءِ الإيمان عند انتفاء التوكّل. وفي الآية الأخرى: {وَقَالَ مُوسَى يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤)} [يونس/ ٨٤] فجعل دليل صحّة الإسلام التوكّل. وقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران/ ١٢٢] فذكرُ اسم الإيمان هاهنا دون سائر أسمائهم دليلٌ على استدعاءِ الإيمان للتوكّل، وأنَّ قوَّة التوكّل وضعفه بحسب قوَّة الإيمان وضعفه. فكلَّما (١) قوي إيمان العبد كان توكّله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكّل، وإذا كان التوكّل ضعيفًا فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بدّ.

واللَّه تعالى يجمع بين التوكّل والعبادة، وبين التوكّل والإيمان، وبين التوكّل والتقوى (٢)، وبين التوكّل والإسلام، وبين التوكّل والهداية.

فأمَّا التوكّل والعبادة، فقد جمع سبحانه بينهما في سبعة مواضع من كتابه:


(١) "ب، ك، ط": "وكلّما".
(٢) "بين التوكّل والتقوى" مؤخر في "ط" على "بين التوكّل والإسلام"، ولعلّ الناشر أو ناسخ أصله نظر إلى ترتيب الأمثلة الآتية التي قدّمت فيها أمثلة الجمع بين التوكّل والإسلام.