للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد رام الممتنع. وهل ترتَّب (١) الأجر إلّا على وجود تلك الآلام والمشاق، والصبر عليها؟

وقد ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "أشدّ النَّاس بلاءً الأنبياءُ، ثمَّ الأمثل فالأمثل" (٢). وقيل له في مرضه: إنَّك لَتُوعَكُ وَعْكًا شديدًا، قال: "أجلْ، إن لي أجرَ رجلين منكم" (٣) يعني في وعكه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا ريب أنَّ ذلك الوعك كان مؤلمًا (٤) له -صلى اللَّه عليه وسلم-. وأيضًا فإنَّه (٥) في مرض موته قال: "وارأساه! " (٦) وهذا إنَّما هو من وجود ألم الصداع. وكان يقول في غمرات الموت: "اللَّهم أعنِّي على سكرات الموت". ويدخل يده في قدح الماء (٧)، ويمسح بها وجهه من كرب الموت (٨)، وهذا كلّه لتكميل أجره وزيادة رفعة درجاته -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهل كان ذلك إلا محض العبوديّة وعين الكمال؟ وهل الجرأة والمناوأة والمنازعة إلا في ترك الصبر، وفي


(١) "ب": "يترتب". "ط": "يكون".
(٢) تقدم تخريجه في ص (٤٩٥).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب المرضى (٥٦٤٧)، ومسلم في كتاب البرّ والصلة والآداب (٢٥٧١) من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٤) "ك، ط": "الوعك مؤلم".
(٥) "فإنّه" ساقط من.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب المرضى (٥٦٦٦) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها.
(٧) في الأصل: "القدح الماء"، وكذا في "ف"، ولعله سهو. والمثبت من "ب".
(٨) ويدخل يده. . . " إلى هنا ساقط من "ك، ط". والحديث أخرجه أحمد (٢٤٣٥٦) وابن ماجه (١٦٢٣) والترمذي (٩٧٨)، والحاكم (٤٣٨٦) والنسائي في الكبرى (٧١٠١، ١٠٩٣٢) من حديث عائشة. والحديث صححه الحاكم ولم يتعقبه الذهبي، وضعفه الترمذي، وهو كما قال، لجهالة موسى بن سرجس. (ز).