للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (٢٦)} [المائدة/ ٢٦]. وقال تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة/ ٤٠]. فالحزن هو بليَّة من البلايا التي نسأل اللَّه دفعها وكشفها، ولهذا يقول أهل الجنَّة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر/ ٣٤] فحمدوه سبحانه (١) على أن أذهب عنهم تلك البلية ونجَّاهم منها.

وفي الصحيح عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه كان يقول في دعائه: "اللّهم إنِّي أعوذُ بك من الهمِّ والحزَن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلَع الدَّيْن وغلبة الرِّجال" (٢). فاستعاذَ -صلى اللَّه عليه وسلم- من ثمانية أشياءَ كلُّ شيئين منها قرينان.

فالهمُّ والحزن قرينان، وهما الألم الوارد على القلب، فإن كان على ما مضى فهو الحزن، وإن كان على ما يستقبل فهو الهمّ. فالألم الوارد إن كان مصدره فوت الماضي أثَّرَ الحزنَ، وإن كان مصدره خوف الآتي أثَّر الهمَّ.

والعجز والكسل قرينان، فإن تخلّف مصلحةِ العبد وكماله عنه (٣) إن كان من عدم القدرة فهو عجز. وإن كان من عدم الإرادة فهو كسل.

والجبن والبخل قرينان، فإنَّ الإحسان يفرح القلب، ويشرح الصدر، ويجلب النعم، ويدفع النقم. وتركه يوجب الغمّ (٤) والضيق، ويمنع


(١) "ط": "فحمده على".
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير (٢٨٩٣) وغيره، ومسلم في الذكر والدعاء (٢٧٠٦) من حديث أنس بن مالك رضي اللَّه عنه. وضلع الدين: ثقله.
(٣) "ط": "مصلحة العبد وبعدها عنه".
(٤) "ط": "الضيم"، تحريف.