للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحظَّ من محبوبه فترت محبّتُه، وسكن قلبُه، وترحّل قاطنُ المحبّة من قلبه؛ كما قيل: "من ودَّك لأمرٍ ولَّى (١) عند انقضائه". فهذه محبّة مشوبة بالعلل.

بل المحبّه الخالصة أن تحبّ المحبوبَ لكماله، وأنَّه أهل أن يُحَبَّ كمحبّته (٢) لذاته وصفاته. وإنَّ الذي توجبه (٣) هذه المحبة فناءُ العبد عن إرادته بمراد (٤) محبوبه، فيكون عاملًا على مراد محبوبه منه، لا على مراده هو من محبوبه (٥). فهذه هي المحبّة الخالصة من درن العلل وشوائب النفس، وهي التي تستلزم (٦) إيثار المحبوب على غيره ولا بدّ. وكلَّما كان سلطان هذه (٧) المحبّة أقوى كان هذا الإيثار أتمّ (٨). وفي مثل هذا قيل:

تعصي الإلهَ وأنت تزعم حبَّه ... هذا محال في القياس شنيعُ (٩)

لو كان حبّك صادقًا لأطعتَه ... إنَّ المحبّ لمن يحبّ مطيعُ (١٠)


(١) في مفتاح دار السعادة (١/ ٤٣٧): "مَلَّكَ"، واللفظ المشهور كما هنا. انظر: زاد المعاد (٤/ ٢٧١)، والبصائر والذخائر (١/ ١٢٧). وسيأتي مرة أخرى في ص (٦٩٦).
(٢) "كمحبّته"ساقط من "ب، ك، ط".
(٣) "ط": "وأنّ الذي يوجب"، وهو خطأ.
(٤) "ط": "لمراد"، خطأ.
(٥) "وإن الذي توجبه. . ." إلى هنا ساقط من "ب، ك". واستدركه بعضهم في حاشية "ك".
(٦) "ط": "تتزايد"، تحريف.
(٧) "هذه" ساقط من "ب".
(٨) "إيثار المحبوب. . ." إلى هنا ساقط من "ط".
(٩) "ب": "لعمري في الفعال". "ط": "لعمرك".
(١٠) البيتان لمحمود الورّاق في الكامل (٥١٣) والزهرة (٥٩) والعقد (٣/ ٢١٥). =