للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين يسوّون بين أوليائه وأعدائه. قال اللَّه تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} (١) [ص/ ٢٨]. وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية/ ٢١]. وقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)} [القلم/ ٣٥ - ٣٦]. فأنكر سبحانه على من سوَّى بين المسلمين والمجرمين (٢) وبين المطيعين والمفسدين مع أنَّ الكلَّ تحت المراد الكوني والمشيئة العامَّة.

وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية -قدَّس اللَّه روحه (٣) - يقول: قال لي بعض شيوخ هؤلاء: المحبَّة نار تحرق من القلب ما سوى مراد المحبوب، والكون كلّه مراده، فأيّ شيء أُبغِضُ منه؟ قال: فقلت له: فإذا كان المحبوب قد أبغضَ بعضَ ما في الكون، فأبغضَ قومًا ولعنَهم ومقَتَهم (٤) وعاداهم؛ فأحببتَهم أنتَ وواليتَهم، تكون مواليًا للمحبوب موافقًا له، أو مخالفًا له معاديًا له؛ قال: فكأنَّما أُلقِمَ حَجرًا (٥).

ويبلغ الجهل والكفر ببعض هؤلاء إلى حدّ بحيث إذا فعل محظورًا يزعم أنَّه مطيع للَّه فيه (٦)، ويقول: أنا مطيع لإرادته، وينشد في ذلك:


(١) في الأصل: "أفنجعل الذين" وكذا في "ف". وهو سهو.
(٢) "فأنكر سبحانه. . ." إلى هنا ساقط من "ط". وكذا من "ك". ثمّ استدركه بعضهم في الحاشية.
(٣) "قدّس اللَّه روحه" ساقط من "ك، ط". وفي "ب": "رحمه اللَّه".
(٤) "ب": "فلعنهم ومقتهم". "ك، ط": "ومقتهم ولعنهم".
(٥) سبقت الحكاية في ص (١٨٥).
(٦) "فيه" ساقط من "ك، ط". وفي "ب": "به".