للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل يُغار له.

وسنفرد إن شاء اللَّه للغيرة فصلًا نذكر فيه أقسامها وحقيقتها (١).

الثالث: أنَّ المحبة التامَّة تستدعي شغلَ القلب بالمحبوب وعدمَ تفرّغه للشرح والوصف، فلو صدقت محبته لاستغرق فيها عن شرح حاله ووصفه. فهذه طريقة هؤلاء.

ومنهم من يجعل تهتكه وبَوحه بها وإعلانه (٢) لها من تمامها وقوتها، ومن علامات قهرها له وأنَّها غلبت على سرّه حتى لم يُطِق صبرُه كتمانها، كما قال النوري (٣): "المحبّه هتكُ الأستار، وكشف الأسرار" (٤). فهذا حال (٥) النوري وأضرابه.

وعند هؤلاء التكتُّم ضعفٌ في المحبة وخوَرٌ (٦) فيها، وحقيقتها أن يُخلِّيها ومقتضاها من ظهور آثارها على الجوارح والبدن، فإن أثَّرت حركةً لم يسكِّنها، وإن أثَّرت دمعةً لم يمسكها (٧)، وإن أثَّرت تنفّسًا لم


(١) لا يوجد فصل في الغيرة في هذا الكتاب. ولكنه تكلم عليها في مدارج السالكين (٣/ ٥ - ١٤) وروضة المحبين (٣٩٩، ٤٢٢).
(٢) "ك، ط": "إعلامه".
(٣) أبو الحسين أحمد بن محمد النوري، خراساني الأصل، بغدادي المولد والمنشأ، من أصحاب السري السقطي وجلَّة مشايخ القوم، توفي سنة ٢٩٥ هـ. طبقات الصوفية (١٦٤).
(٤) الرسالة القشيرية (٣٢٤).
(٥) "ف": "كلام"، خلاف الأصل.
(٦) "ك، ط": "جور"، تصحيف.
(٧) في الأصل: "لم يرسلها"، وهو سبق قلم وكذا في "ف، ب". والمثبت من =