للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} [الحديد/ ٢٥] فتناول (١) ذلك الأصناف الأربعة المذكورة في سورة النساء، فهؤلاء هم السعداء. ثمَّ ذكر الأشقياء وهم نوعان: كفار، ومنافقون؛ فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١٩)} [الحديد/ ١٩]. وذَكَر المنافقين (٢) في قوله: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا} (٣) [الحديد/ ١٣].

فهؤلاء أصناف العالم كلّهم. وترك سبحانه ذكرَ المخلِّط صاحب الشائبتين على طريقة القرآن في ذكر السعداء والأشقياء دون المخلِّطين غالبًا لسرٍّ اقتضته حكمته سبحانه وتعالي. فليحذَرْ صاحب التخليط، فإنَّه لا ضمان له على اللَّه، ولا هو من أهل وعده المطلق. ولا ييأس من رَوح اللَّه، فإنَّه ليس من الكفار الذين قد (٤) قطع لهم بالعذاب، ولكنَّه بين الجنَّة والنَّار، واقف بين الوعد والوعيد، كلٌّ منهما يدعوه الي موجبه لأنَّه أتي بسببه. وهذا هو الذي لحظه القائلون بالمنزلة بين المنزلتين، ولكن غلطوا في تخليده في النار. ولو نزّلوه منزلةً بين المنزلين، ووكلوه إلى المشيئة، وقالوا بأنَّه يخرج من النار بتوحيده وإيمانه، لأصابوا. ولكن "منزلةٌ بين منزلتين وصاحبُها (٥) مخلَّدٌ في النَّار" ممَّا لا يقتضيه عقل ولا سمع، بل النصوص الصريحة المعلومة الصحَّة تشهد ببطلان قولهم، واللَّه أعلم.


(١) "ط": "فيتناول".
(٢) "ط": "المنافقون".
(٣) كذا في الأصل و"ف" ونقلت الآية في "ب، ك، ط" إلى "نقتبس من نوركم".
(٤) "قد" ساقط من "ك، ط".
(٥) "ط": "صاحبهما"، خطأ.