للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استوت حسناته وسيئاته فهو من أهل الأعراف (١).

وهذه الموازنة تكون بعد القصاص، واستيفاء المظلومين حقوقهم من حسناته. فإذا بقي له (٢) شيء منها وزن هو وسيئاته.

لكن (٣) هنا مسألة، وهي: إذا وزنت السيئات بالحسنات فرجحت الحسنات، هل يُلغَى المرجوحُ جملةً، ويصير الأثر للراجح، فيثاب على حسناته كلّها؛ أو يسقَط من الحسنات ما قابلها من السيئات المرجوحة، ويبقى التأثير للرجحان، فيثاب عليه وحده؟ فيه قولان. هذا عند من يقول بالموازنة والحكمة، وأمَّا من ينفي ذلك فلا عبرة عنده بهذا، وإنَّما هو موكول إلى محض المشيئة. وعلى القول الأوَّل فيذهب أثر السيئات جملةً بالحسنات الرَّاجحة. وعلى القول الثاني يكون تأثيرها في نقصان ثوابه، لا في حصول العقاب له.

ويترجَّح هذا القول الثاني بأنَّ السيئات لو لم تحبط ما قبلها من الحسنات، وكان العمل والتأثير للحسنات كلّها، لم يكن فرقٌ بين وجودها وعدمها، ولكان لا فرق بين المحسن الذي تمحّضَ (٤) عملُه حسناتٍ، وبين من خلط عملًا صالحًا وآخر سيِّئًا.

وقد يُجاب عن هذا بأنَّها أثَّرت في نقصان ثوابه ولا بدّ، فإنَّه لو اشتغل في زمن إيقاعها بالحسنات لكان أرفع لدرجته وأعظم لثوابه.


(١) تفسير الطبري (١٢/ ٤٥٣).
(٢) "له" ساقط من "ب، ك، ط".
(٣) "ك، ط": "ولكن".
(٤) لم ينقط أول الكلمة في الأصل، ولكن هكذا ضبطها وضبط ما بعدها في "ب". وفي "ف": "محض"، وهو خلاف الأصل. وكذا في "ك، ط".