للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصلُها ثابتٌ في القلب، وفروعُها من (١) الكلام الطيّب والعمل الصالح في السماءِ، فلا تزال هذه الشجرةُ تُخرِجُ ثمرَها كلَّ وقتٍ بإِذن ربِّها من طيّب القول وصالح العمل ممَّا تقرُّ به عينُ (٢) صاحب الأصل وعيونُ حفظته وعيونُ أهله وأصحابه ومَن قرُبَ منه. فإنَّ من قرَّت عينُه باللَّه قرَّت به كلُّ عين، وأَنِسَ به كلُّ مستوحش، وطاب به كلُّ خبيث، وفرِحَ به كلُّ حزين، وأمِنَ به كلُّ خائف، وشهد به كلُّ غائب، وذكَّرتْ رؤيتُه باللَّه، فإذا رُئِيَ ذُكِرَ اللَّه.

قد اطمأنَّ (٣) قلبُه باللَّه (٤)، وسكنت نفسُه إلى اللَّه، وخلصتْ محبته للَّه، وقصَرَ خوفَه من اللَّه (٥)، وجعل رجاءَه كلَّه للَّه. فإن سمع سمع باللَّه، وإن أبصرَ أبصرَ باللَّه، وإن بطش بطش باللَّه، وإن مشى مشى باللَّه. فبه يسمع، وبه يبصر، وبه يبطش، وبه يمشي. فإذا أحبَّ أحبَّ اللَّه، وإذا أبغضَ أبغض للَّه (٦)، وإذا أعطى فللّه، إذا منع فللّه.

قد اتخذ اللَّه وحدَه معبودَه ومرجوَّه ومخوفَه وغايةَ قَصْدِه ومنتهى طلبِه، واتخذ رسولَه وحدَه دليلَه وإمامَه وقائدَه وسائقه (٧). فوحَّد اللَّه


(١) "ك": "فروعها والكلم". ط: "فروعها الكلم".
(٢) "ك، ط": "ما تقر به عيون".
(٣) "ط": "فاطمأنَ".
(٤) "ك، ط": "إلى اللَّه".
(٥) كذا بخط المؤلِّف. وكتب ناسخ المبيضة فوق "من": "كذا"، وكذا في "ف، ن، ك". وفي "ط": "على اللَّه" وفي نسختي الأميرة نورة وابن كمان: "حضر خوفه. . . ".
(٦) "ك، ط": "فإذا أحبَّ فللَّه، وإذا أبغض فللَّه".
(٧) "ف": "شافعه"، ولعلَّه أخطأ في القراءة.