للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يصدر منه ظلم؟

ولا يقال: كما أهلكه في الدنيا تبعًا لأبويه وغيرهم، فكذلك يدخله النار تبعًا لهم. لأنَّ مصائب الدنيا إذا وردت لا تخصّ الظالم وحده بل تصيب الظالم وغيره، ويبعثون على نيَّاتهم وأعمالهم، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال/ ٢٥] وكالجيش الذين يخسف بهم جميعهم، وفيهم المكره والمستبصر وغيره. فأمَّا عذاب الآخرة فلا يكون إلا للظالمين خاصَّة، ولا يتبعهم فيه من لا ذنب له أصلًا.

قال تعالى في حقِّ النار (١): {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك/ ٨ - ٩] وقال تعالى لإبليس: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} [ص/ ٨٥]. وإذا امتلأت بإبليس وأتباعه، فأين يستقرّ فيها من لم يتبعه؟

قالوا: وأيضًا فالقرآن مملوءٌ (٢) من الأخبار بأنَّ دخول النَّار إنَّما يكون بالأعمال، كقوله: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)} [النمل/ ٩٠] وقوله: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} [الكهف/ ٤٩] وقوله (٣): {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٨١)} [البقرة/ ٢٨١] وقوله: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ


(١) كذا في "ف". وفي "ب، ك، ط": "في النار". ولا يبعد أن تكون كلمة "الحق" مضروبًا عليها، ولكن ليس ذلك بيّنًا لانتشار الحبر.
(٢) "ف": "ضمن"، خلاف الأصل.
(٣) "وقوله" ساقط من "ط".