للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمل بعمل أهلها.

قالوا: وأيضًا فإنَّ النَّار دار جزاءٍ، فمن لم يعص اللَّه طرفةَ عين كيف يُجازى بالنَّار خالدًا مخلَّدًا أبد الآباد؟

قالوا: وأيضًا فلو عذّب هؤلاء لكان تعذيبهم إمَّا مع تكليفهم بالإيمان أو بدون التكليف، والقسمان ممتنعان: أمَّا الأوَّل فلاستحالة تكليف من لا تمييز له ولا عقل أصلًا. وأمَّا الثاني فممتنع (١) أيضًا بالنصوص التي ذكرناها وأمثالها من أنَّ اللَّه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام (٢) الحجَّة عليه.

قالوا: وأيضًا فلو كان تعذيب هؤلاء لأجل عدم الإيمان المانع من العذاب لاشتركوا هم وأطفال المسلمين في ذلك، لاشتراكهم في عدم الإيمان الفعلي علمًا وعملًا. فإن قلتم: أطفال المسلمين منعهم تبعهم لآبائهم من العذاب، بخلاف أطفال المشركين. قلنا: اللَّه تعالى لا يعذِّب أحدًا بذنب غيره. قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام/ ١٦٤] وقال: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس/ ٥٤].

وهذه حجج كما ترى قوَّةً وكثرةً، ولا سبيل إلى دفعها. وسيأتي إن شاء اللَّه فصلُ النزاع في المسألة، والقولُ بموجَب (٣) الحجج الصحيحة


(١) "ك، ط": "فيمتنع".
(٢) "ف": "إقامة"، خلاف الأصل.
(٣) "ك، ط": "في هذه المسألة والقول بموجب هذه. . . ".