للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينه وإخماد كلماته، بل هم معهم (١) بمنزلة الدوابّ.

وقد اتفقت الأُمّة على أنّ هذه الطبقة كفّار وإن كانوا جهّالًا مقلّدين لرؤسائهم وأئمتهم، إلَّا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنّه لم يحكم لهؤلاءِ بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة. وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا مَن بعدهم، وإنّما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدَث في الإسلام.

وقد صحّ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "ما من مولود إلَّا وهو يولد على الفطرة فأَبواه يهوّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه" (٢). فأخبر أن أَبويه ينقلانه عن الفطرة إلى اليهودية والنصرانية والمجوسية، ولم يعتبر في ذلك غير المربى والمنشأ على ما عليه الأَبوان. وصحَّ عنه أنه قال: "إنّ الجنّة لا يدخلها إلَّا نفس مسلمة" (٣).

وهذا المقلّد ليس بمسلم، وهو عاقل مكلّف، والعاقل المكلّف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر. وأمّا من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلّف في تلك الحال، وهو بمنزلة الأطفال والمجانين، وقد تقدَّم الكلام عليهم (٤). والإسلام هو توحيد اللَّه وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان باللَّه وبرسوله (٥) واتّباعه فيما جاءَ به. فما لم يأت العبد بهذا فليس


(١) "معهم" ساقط من "ك، ط".
(٢) سبق تخريجه في ص (٨٤٢).
(٣) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. أخرجه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٦٢) وغيره، ومسلم في الإيمان (١١١).
(٤) انظر: ص (٨٤١).
(٥) "باللَّه و" سقط من "ف" سهوًا.