للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى إخبارًا عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن/ ١٤]. فالمسلمون: الذين آمنوا باللَّه ورسوله منهم. والقاسطون: الجائرون العادلون عن الحقِّ. قال ابن عباس: هم الذين جعلوا للَّه أندادًا (١). يقال: "أقسط الرجل" إذا عدل، فهو مقسط. ومنه: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩)} [الحجرات/ ٩]. "قَسَط" إذا جار فهو قاسط {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)} [الجن/ ١٥].

وقد (٢) تضمَّنت هذه الآيات انقسامهم إلى ثلاث طبقات: صالحين، ودون الصالحين، وكفَّار. وهذه الطبقات بإزاء طبقات بني آدم، فإنَّها ثلاثة: أبرار، ومقتصدون وكفار. فالصالحون بإزاء الأبرار، ومن دونهم بإزاء المقتصدين، والقاسطون بإزاء الكفار.

وهذا كما قسم سبحانه بني إسرائيل إلى هذه الأقسام الثلاثة في قوله: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} [الأعراف/ ١٦٨]. فهؤلاء الناجون منهم. ثمَّ ذكر الظالمين، وهم خَلْف السوء الذين خلفوا بعدهم.

ولمَّا كان الإنس أكمل من الجنّ وأتمّ عقولًا ازدادوا عليهم بثلاثة أصناف أخر ليس شيء منها للجنّ، وهم: الرسل، والأنبياء، والمقرَّبون. فليس في الجنّ صنف من هؤلاء، بل غايتهم (٣) الصلاح.

وذهب شُذوذ (٤) من النَّاس إلى أنَّ فيهم الرسل والأنبياء


(١) تفسير البغدي (٨/ ٢٤١).
(٢) "ك، ط": "قد" دون واو العطف.
(٣) "ط": "حليتهم"، تحريف.
(٤) "ط": "شذّاذ".