للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل الأمر في الصوم بالرؤية، ومن يخالف من رآه في المطالع، لا يقال إنه رآه لا حقيقةً ولا حكماً.

٢ - عن كريب ((أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي - شك يحيى بن يحيى، أحد رواة الحديث، في نكتفي أو تكتفي - برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)). أخرجه مسلم (١).

ثالثاً: القياس:

فهناك اختلافٌ في التوقيت اليومي بين المسلمين بالنص والإجماع، فإذا طلع الفجر في المشرق، فلا يلزم أهل المغرب أن يمسكوا، ولو غابت الشمس في المشرق، فليس لأهل المغرب الفطر.

فكما أن المسلمين مختلفون في الإفطار والإمساك اليومي، فلا بد أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري.

الفرع السادس: الرؤية عبر الوسائل الحديثة

المسألة الأولى: حكم الاعتماد على الأقمار الصناعية في رؤية الهلال

لا يجوز الاعتماد على الأقمار الصناعية في رؤية الهلال؛ وذلك لأن الأقمار الصناعية تكون مرتفعةً عن الأرض التي هي محل ترائي الهلال (٢).

المسألة الثانية: حكم استعمال المراصد الفلكية لرؤية الهلال

يجوز استعمال المراصد الفلكية لرؤية الهلال كالدربيل وهو المنظار المقرِّب، ولكنه ليس بواجب (٣)، فلو رأى الهلال عبرها من يُوثَقُ به فإنه يُعمل بهذه الرؤية، وهو اختيار ابن باز (٤)، وابن عثيمين (٥)، وبه صدر قرار هيئة كبار العلماء (٦)، وهو قرار مجمع الفقه الإسلامي (٧).

الدليل:

عموم ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( .. فإذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)). أخرجه مسلم (٨)

وجه الدلالة:

أن هذه الرؤية تحصل باستعمال المراصد الفلكية.

الفرع السابع: من اشتبهت عليه الأشهر

المسألة الأولى: ما يلزم الأسير ونحوه من الاجتهاد والحالات المترتبة على اجتهاده


(١) رواه مسلم (١٠٨٧).
(٢) انظر ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٩/ ٦٢).
(٣) وذلك لأن الظاهر من السنة: الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها.
(٤) قال ابن باز: (أما الآلات فظاهر الأدلة الشرعية عدم تكليف الناس بالتماس الهلال بها، بل تكفي رؤية العين، ولكن من طالع الهلال بها وجزم بأنه رآه بواسطتها بعد غروب الشمس وهو مسلمٌ عدل، فلا أعلم مانعاً من العمل برؤيته الهلال؛ لأنها من رؤية العين لا من الحساب) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٥/ ٦٩).
(٥) قال ابن عثيمين: (ولا بأس أن نتوصل إلى رؤية الهلال بالمنظار، أو المراصد)) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٩/ ٦٢). وقال ابن عثيمين أيضاً: (وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك لما كانوا يصعدون المنائر في ليلة الثلاثين من شعبان، أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١٩/ ٣٦).
(٦) انظر قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم ١٠٨ بتاريخ ١٢/ ١١/١٤٠٣ بشأن إنشاء مراصد يُستعان بها عند رؤية الهلال.
(٧) من قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثانية التي عقدت في جدة عام (١٩٨٥م) ودورته الثالثة التي عقدت في عمّان عام (١٩٨٦م) ((موقع مجمع الفقه الإسلامي الدولي)).
(٨) رواه مسلم (١٠٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>