للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سلك طريقاً ليس فيه ميقات معين، برًّا أو بحراً أو جوًّا اجتهد وأحرم إذا حاذى ميقاتاً من المواقيت. وذلك باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي (٥).

الدليل:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه أهل العراق وقالوا: يا أمير المؤمنين إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرناً، وإنها جور عن طريقنا- يعني فيها ميول وبعد عن طريقنا- فقال رضي الله عنه: ((انظروا إلى حذوها من طريقكم)) (٦).

مسألة:

من سلك طريقاً ليس فيه ميقات معين، برًّا أو بحراً أو جوًّا، فاشتبه عليه ما يحاذي المواقيت ولم يجد من يرشده إلى المحاذاة وجب عليه أن يحتاط ويحرم قبل ذلك بوقت يغلب على ظنه أنه أحرم فيه قبل المحاذاة؛ وليس له أن يؤخر الإحرام، وبهذا صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي (٧)، وبه أفتى ابن باز (٨).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: ١٦].

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه أوجب على عباده أن يتقوه ما استطاعوا، وهذا هو المستطاع في حق من لم يمر على نفس الميقات (٩).

ثانياً: أن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة ومنعقد، ومع التحرى والاحتياط خوفًا من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة؛ لأنه لا كراهة في أداء الواجب (١٠).

المطلب الرابع: هل جدة ميقات؟


(١) ((فتح القدير)) لابن الهمام (٢/ ٤٢٦)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٤٢).
(٢) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (١/ ٣٨٠)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٤٦).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٩٩)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٧٣).
(٤) ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣٠٢)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (٣/ ٤٩)، وانظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ٢٤)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢١/ ٢٧٤).
(٥) ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي (العدد الثالث: الجزء ٣/ ١٦٤٩): قراررقم (٧) د ٣/ ٠٧/٨٦ في دورة انعقاد مؤتمرة الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من ٨ إلى ١٣ صفر ١٤٠٧ هـ/١١ - ١٦ أكتوبر ١٩٨٦م.
(٦) رواه البخاري (١٥٣١).
(٧) ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (العدد الثالث: ٣/ ١٦١١) في جلسته المنعقدة في ١٠/ ٤/١٤٠٢هـ. الموافق ٤/ ٢/١٩٨٢م.
(٨) قال ابن باز: (وإذا اشتبه عليه ذلك لزمه أن يحرم في الموضع الذي يتيقن أنه محاذيها أو قبلها حتى لا يجاوزها بغير إحرام، ومن المعلوم أن الإحرام قبل المواقيت صحيح وإنما الخلاف في كراهته وعدمها، ومن أحرم قبلها احتياطا خوفا من مجاوزتها بغير إحرام فلا كراهة في حقه) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ٢٤).
(٩) ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (العدد الثالث: ٣/ ١٦١٢)
(١٠) ((مجلة مجمع الفقه الإسلامي)) (العدد الثالث: ٣/ ١٦١٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>