للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدة ليست ميقاتاً، ولا يجوز لأحد أن يتجاوز ميقاته ويحرم من جدة، إلا أن لا يحاذي ميقاتاً قبلها فإنه يحرم منها، كمن قدم إليها عن طريق البحر من الجزء المحاذي لها من السودان؛ لأنه لا يصادف ميقاتاً قبلها، وهذا اختيار ابن باز (١)، وابن عثيمين (٢)، وبه صدرت فتوى اللجنة الدائمة (٣)، وقرار هيئة كبار العلماء (٤)، والمجمع الفقهي الإسلامي (٥).

الأدلة:

أولا من السنة:

١ - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها)) (٦).

وجه الدلالة:

أن الحديث دل على وجوب إحرام من مرَّ على هذه المواقيت حتى لو كان من غير أهلها، ولم يذكر جدة من بينها، وعليه فلا يجوز له تأخير الإحرام إلى جدة أو غيرها مما يلي الميقات الذي مر عليه.

٢ - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((لما فتح هذان المصران أي الكوفة والبصرة أتوا عمر فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدّ لأهل نجد قرناً، وهو جور عن طريقنا، وإنا إن أردنا قرناً شق علينا فقال: انظروا حذوها من طريقكم فحدّ لهم ذات عرق)) (٧).

وجه الدلالة:

أن الإحرام يكون في الميقات أو حذوه، وجدة ليست ميقاتاً وليست محاذية لأحد المواقيت.

ثانيا: أنه بالرغم من أن جدة كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يتخذها ميقاتاً مع أهمية موقعها وقربه، ولو كانت من المواقيت لنص عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

فرع:


(١) للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله رسالة في الموضوع بعنوان: بيان خطأ من جعل جدة ميقاتاً لحجاج الجو والبحر. ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ٢٣)، وانظر: ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٣٢/ ٣٢٨).
(٢) قال ابن عثيمين: (إذا كان قدم من السودان إلى جدة يريد العمرة لكنه أتى جدة مارا بها مرورا فإن الواجب عليه أن يحرم من الميقات ... ولكن في بعض الجهات السودانية إذا اتجهوا إلى الحجاز لا يحاذون المواقيت إلا بعد نزولهم في جدة بمعنى أنهم يدخلون إلى جدة قبل محاذاة المواقيت مثل أهل سواكن فهؤلاء يحرمون من جدة كما قال ذلك أهل العلم، لكن الذي يأتي من جنوب السودان، أو من شمال السودان هؤلاء يمرون بالميقات قبل أن يصلوا إلى جدة فيلزمهم الإحرام من الميقات الذي مروا به ما داموا يريدون العمرة أو الحج). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢١/ ٢٨٢).
(٣) وجاء فيها: (أما جدة فهي ميقات لأهل جدة وللمقيمين بها إذا أراد حجاً أو عمرة، وأما جعل جدة ميقاتاً بدلا من يلملم فلا أصل له، فمن مر على يلملم وترك الإحرام منه وأحرم من جدة وجب عليه دم، كمن جاوز سائر المواقيت وهو يريد حجاً أو عمرة؛ لأن ميقاته يلملم؛ ولأن المسافة بين مكة إلى يلملم أبعد من المسافة التي بين جدة ومكة). ((فتاوى اللجنة الدائمة)) - المجموعة الأولى (١١/ ١٢٦).
(٤) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٣٢/ ٣٢٨).
(٥) ((قرارات المجمع الفقهي الإسلامي للرابطة)) قرار رقم: ١٨ (٢/ ٥) حكم الإحرام من جدة للواردين إليها من غيرها.
(٦) رواه البخاري (١٥٢٦) ومسلم (١١٨١).
(٧) رواه البخاري (١٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>