للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمل القارن والمفرد واحد، فالقارن يكفيه إحرام واحد، وطواف واحد، وسعي واحد، ولا يحل إلا يوم النحر، ويقتصر على أفعال الحج، وتندرج أفعال العمرة كلها في أفعال الحج، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣)، وبه قال أكثر السلف (٤)، واختاره ابن عبدالبر (٥)، وابن حجر (٦)، والشنقيطي (٧)،والمباركفوري (٨) وابن عثيمين (٩).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا)) (١٠).

٢ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً)) (١١).

وجه الدلالة:

أن الحديث نص صريح على اكتفاء القارن بطواف واحد لحجه وعمرته (١٢).

٣ - عن عائشة رضي الله عنها: أنها أهلت بعمرة، فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها، وقد أهلت بالحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) (١٣).

وجه الدلالة:

أن هذا الحديث الصحيح صريح في أن القارن يكفيه لحجه وعمرته طواف واحد وسعي واحد (١٤).


(١) ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (١/ ٣٨٥)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٧٣).
(٢) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٧١). ((نهاية المحتاج)) للرملي (٣/ ٣٢٣).
(٣) ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣٤٤)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (٣/ ٦٠).
(٤) منهم: ابن عمر رضي الله عنهما، وجابر بن عبدالله، وعائشة، وعطاء، وطاووس، والحسن، ومجاهد، والماجشون, وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر وداود. ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٢٣٠)، ((تفسير القرطبي)) (٢/ ٣٩١)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٦١)، ((حاشية ابن القيم)) (٥/ ٣٤٧).
(٥) قال ابن عبدالبر: (في قول عائشة في حديث مالك وأما الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا دليل على أن الحاج يجزيه في حجه إن كان مفردا أو قارنا طواف واحد ويقضي بذلك فرضه). وقال أيضاً: (أجمعوا أن القارن يحل بحلق واحد، فكذلك الطواف أيضا قياسا) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٢٣٤، ١٥/ ٢٢٩).
(٦) قال ابن حجر: (حديث عائشة مفصل للحالتين فإنها صرحت بفعل من تمتع ثم من قرن حيث قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى فهؤلاء أهل التمتع ثم قالت: وأما الذين جمعوا إلخ فهؤلاء أهل القران وهذا أبين من أن يحتاج إلى إيضاح والله المستعان). وقال أيضاً: (الحديثان ظاهران في أن القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد كالمفرد). ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٤٩٤، ٤٩٥).
(٧) قال الشنقيطي: (أما الجمهور المفرقون بين القارن والمتمتع القائلون بأن القارن يكفيه لحجه وعمرته طواف زيارة واحد، وهو طواف الإفاضة، وسعي واحد، فاحتجوا بأحاديث صحيحة ليس مع مخالفيهم ما يقاومها). وقال: (الأحاديث الدالة على أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد كفعل المفرد كثيرة، وفيما ذكرنا هنا من الأحاديث الصحيحة كفاية لمن يريد الحق) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٣٧٨، ٣٧٥).
(٨) قال المباركفوري: (قد ثبت بما ذكرنا من الأحاديث والآثار الفرق بين القران والتمتع، وأن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد لعمرته وحجته كفعل المفرد) ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (٩/ ٦٨).
(٩) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٣/ ١٩٥).
(١٠) رواه البخاري (١٦٤٥).
(١١) رواه البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١).
(١٢) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٣٧٨).
(١٣) رواه مسلم (١٢١١).
(١٤) ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٤٩٥)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>