للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه عموم، وليس فيه اشتراط كون النسكين عن شخص واحد

ثانياً: أن مؤدِّي النسكين شخص واحد (١).

المسألة الثانية: لا يشترط للتمتع ألا يكون من حاضري المسجد الحرام

لحاضري المسجد الحرام التمتع والقرآن، مثلهم مثل الآفاقي، لكن يسقط عنهم الدم، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، واختاره الشنقيطي (٥)، وابن عثيمين (٦).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:

أن الآية أثبتت التمتع لحاضري المسجد الحرام، وإنما نفت وجوب الدم عليهم (٧).

ثانياً: أن حقيقة التمتع والقران موجودة في حاضري المسجد الحرام، كالآفاقين، ولا فرق، وإنما يقع الخلاف بينهم في وجوب الدم على الآفاقين دون حاضري المسجد الحرام، بسبب ما حصل للآفاقيين من الترفه بسقوط أحد السفرين عنهم (٨).

ثالثاً: أن ما كان من النسك قربة وطاعة في حق غير حاضري المسجد الحرام كان قربة وطاعة في حق حاضري المسجد الحرام، كالإفراد (٩).

المسألة الثانية: من هم حاضرو المسجد الحرام؟

اختلف الفقهاء في حاضري المسجد الحرام الذين لا يجب عليهم دم التمتع والقران إلى أقوال منها:

القول الأول: حاضرو المسجد الحرام هم أهل مكة وأهل الحرم ومن كان من الحرم دون مسافة القصر، وهو مذهب الشافعية (١٠)، والحنابلة (١١)، واختاره الطبري (١٢).

الأدلة:

أولاً: لأن الشارع حد الحاضر بدون مسافة القصر، بنفي أحكام المسافرين عنه، فالاعتبار به أولى من الاعتبار بالنسك؛ لوجود لفظ الحضور في الآية (١٣).


(١) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ١٢٥).
(٢) لكن كره المالكية القران للمكي، قال مالك في الموازية: أكره القران للمكي، فإن فعل فلا هدي. ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (١/ ٣٨٢)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٢٩١).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٦٩، ١٧١) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٦).
(٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٥)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (٣/ ٦١).
(٥) قال الشنقيطي: (أقرب أقوال أهل العلم عندي للصواب في هذه المسألة: أن أهل مكة لهم أن يتمتعوا، ويقرنوا وليس عليهم هدي; لأن قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ... الآية *البقرة: ١٩٦* عام بلفظه في جميع الناس من أهل مكة، وغيرهم، ولا يجوز تخصيص هذا العموم، إلا بمخصص يجب الرجوع إليه، وتخصيصه بقوله: ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ *البقرة: ١٩٦*، لا يجب الرجوع إليه; لاحتمال رجوع الإشارة إلى الهدي والصوم، لا إلى التمتع. ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٩١).
(٦) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٧١).
(٧) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٦٩).
(٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٥).
(٩) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٧١).
(١٠) ((المجموع)) للنووي (٧/ ١٧٤). ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٤٦).
(١١) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤١٢) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٤).
(١٢) قال الطبري: (وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندنا قول من قال: إن حاضري المسجد الحرام من هو حوله ممن بينه وبينه من المسافة ما لا تقصر إليه الصلوات) ((جامع البيان)) للطبري (٣/ ١١٢).
(١٣) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>