للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أن حاضر الشيء من دنا منه، ومن دون مسافة القصر قريب في حكم الحاضر؛ بدليل أنه إذا قصده لا يترخص رخص السفر، فيكون من حاضريه (١).

القول الثاني: هم أهل الحرم، وهو قول طائفة من السلف (٢) وقدمه صاحب الفروع (٣) واستظهره ابن حجر (٤)، وأفتت به اللجنة الدائمة (٥) واختاره ابن عثيمين (٦).

الدليل من أقوال الصحابة:

قال ابن عباس حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: ١٩٦] هم: أهل الحرم (٧).

المطلب الخامس: أعمال المتمتع

الفرع الأول: طواف المتمتع وسعيه

يجب على المتمتع طوافان وسعيان، فيبدأ أولاً بعمرة تامة: فيطوف ويسعى، ثم يحلق أو يقصر، ويتحلل منها، ثم يحرم بالحج، ويأتي بطواف للحج وسعي له، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (٨)، والمالكية (٩)، والشافعية (١٠)، والحنابلة (١١)، وبه قال طائفة من السلف (١٢). وحكى ابن رشد الإجماع على أن المتمتع عليه طوافان: طواف لعمرته، وطواف لحجه (١٣).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا)) (١٤).

وجه الدلالة:

أنه يدل على الفرق بين القارن والمتمتع، وأن القارن يفعل كفعل المفرد والمتمتع يطوف لعمرته ويطوف لحجه (١٥).

٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أنه سئل عن متعة الحج فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا النساء، ولبسنا الثياب، وقال: من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وقد تم حجنا وعلينا الهدي)).


(١) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٤).
(٢) منهم ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد، وطاووس، ينظر ((تفسير الطبري)) (٣/ ١١٠، ١١١)، ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٤).
(٣) ((الفروع)) لابن مفلح (٥/ ٣٤٩).
(٤) ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٤٣٤).
(٥) ونص الفتوى: (اختلف أهل العلم في المعنى بـ: حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ *البقرة: ١٩٦* والراجح أنهم أهل الحرم) ((فتاوى اللجنة الدائمة)) المجموعة الأولى (١١/ ٣٩٠).
(٦) قال ابن عثيمين: (الأقرب ... أن حاضري المسجد الحرام هم أهل الحرم؛ وأما من كان من غير أهل الحرم فليسوا من حاضريه؛ بل هم من محل آخر؛ وهذا هو الذي ينضبط (تفسير سورة البقرة ٢/ ٣٩٥) وفي موضع آخر قال: (وأقرب الأقوال أن نقول: إن حاضري المسجد الحرام هم أهل مكة، أو أهل الحرم، أي: من كان من أهل مكة ولو كان في الحل، أو من كان في الحرم ولو كان خارج مكة). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٨٩).
(٧) ((تفسير الطبري)) (٣/ ١١٠، ١١١).
(٨) ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (٣/ ٦)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٣/ ٦).
(٩) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٥١)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٤٤).
(١٠) ((نهاية المحتاج)) للرملي (٣/ ٣٢٤).
(١١) ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٥٠٦).
(١٢) منهم: الثوري، وأبو ثور. ((التمهيد)) لابن عبدالبر (٨/ ٣٥١).
(١٣) قال ابن رشد: (أجمعوا أن من تمتع بالعمرة إلى الحج أن عليه طوافين طوافا للعمرة لحله منها وطوافا للحج يوم النحر على ما في حديث عائشة المشهور) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٤٤).
(١٤) رواه البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١).
(١٥) ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (٩/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>