للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعاً: أن نية الطواف في وقته يقع بها عن المشروع في ذلك الوقت دون الحاجة إلى تعيين النية، فإن خصوص ذلك الوقت إنما يستحق خصوص ذلك الطواف بسبب أنه في إحرام عبادة اقتضت وقوعه في ذلك الوقت فلا يشرع غيره (١).

خامساً: أن القول باشتراط تعيين النية فيه حرج كبير؛ إذ إن أكثر الحجاج على جهل كبير بمناسك الحج ومعرفة الواجب فيه (٢).

المطلب الثاني: ستر العورة

ستر العورة شرطٌ لا يصح الطواف بدونه، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥)، وحكي الإجماع على وجوبه (٦).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف: ٣١].

وجه الدلالة

أن سبب نزول الآية أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة، وكانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة، فنزلت هذه الآية، وقد ثبت هذا التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعلى ذلك جماهير علماء التفسير، وصورة سبب النزول قطعية الدخول عند أكثر الأصوليين (٧).

ثانياً: من السنة:

١ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمَّره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط، يؤذنون في الناس يوم النحر: لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان)) أخرجه البخاري ومسلم (٨).

وجه الدلالة:

أن الحديث يدل على أن علة المنع من الطواف كونه عريانا، وهو دليل على اشتراط ستر العورة للطواف (٩).

٢ - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطواف بالبيت صلاة)) (١٠)

وجه الدلالة

أن قوله: ((الطواف صلاة)) يدل على أنه يشترط في الطواف ما يشترط في الصلاة، إلا ما أخرجه دليل خاص كالمشي فيه، والانحراف عن القبلة، والكلام، ونحو ذلك، ولماكان من شروط الصلاة المجمع عليها عند أهل العلم ستر العورة كان شرطاً أيضاً لصحة الطواف (١١).

المطلب الثالث: الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر في الطواف

الفرع الأول: طواف الحائض لغير عذر

يحرم طواف الحائض لغير عذر.

الأدلة:

أولاً: من السنة:


(١) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٢/ ٤٩٥)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٣/ ٢١٧ (.
(٢) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٥٣/ ٢٢١ (.
(٣) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ٩٥)، ((الشرح الكبير)) للدردير (٢/ ٣١)
(٤) ((المجموع)) للنووي (٨/ ١٦)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٤٨٥).
(٥) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٤٠٢)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ١٦).
(٦) أجمع أهل العلم على وجوب ستر العورة في الطواف، وإنما وقع الخلاف بينهم في كونه شرطا، فالجمهور على اشتراطه خلافاً للحنفية. قال ابن تيمية: (فما ثبت بالنص من إيجاب الطهارة والستارة في الطواف متفقٌ عليه) ((مجموع فتاوى ابن تيمية)) (٨/ ١٤).
(٧) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٠١).
(٨) رواه البخاري (٤٦٥٧)، ومسلم (١٣٤٧)، واللفظ له.
(٩) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٠١).
(١٠) رواه: الترمذي (٩٦٠)، والدارمي (٢/ ٦٦) (١٨٤٧)، وابن حبان (٩/ ١٤٣) (٣٨٣٦)، وابن الجارود ((المنتقى)) (١/ ١٢٠)، والطبراني (١١/ ٣٤) (١٠٩٥٥)، والحاكم (٢/ ٢٩٣)، والبيهقي (٥/ ٨٥) (٩٠٧٤). قال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، وقال ابن حجر في ((التلخيص)) (١/ ١٩٦): (إسناده صحيح)، ورجح وقفه الترمذي, والنسائي, والبيهقي، وابن الصلاح, والمنذري, والنووي. انظر: ((التلخيص الحبير)) (١/ ٣٥٩)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (٣٩٥٤).
(١١) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٤/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>