للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها حين حاضت وهي محرمة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري) وفي رواية: ((حتى تغتسلي)) (١).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عائشة رضي الله عنها أن تطوف بالبيت وهي حائض، والنهي في العبادات يقتضي الفساد وذلك يقتضي بطلان الطواف لو فعلته (٢).

٢ - عن عائشة رضي الله عنها: ((أن صفية حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وإنها لحابستنا، فقالوا: يا رسول الله، قد زارت يوم النحر، قال: فلتنفر معكم)) (٣).

وجه الدلالة:

أن هذا الحديث يدل على أن الحائض تنتظر حتى تطهر ثم تطوف، وهذا يدل على اشتراط الطهارة (٤).

ثانياً: الإجماع:

أجمع العلماء على تحريم طواف الحائض، نقله النووي (٥)، وأقره الصنعاني (٦)، وعامتهم على عدم صحته (٧).

الفرع الثاني: طواف الحائض عند الضرورة

إذا اضطرت المرأة الحائض إلى طواف الإفاضة، كأن تكون مع رفقة لا ينتظرونها، كان ذلك جائزا، لكن تتوقى ما يخشى منه تنجيس المسجد بأن تستثفر، فتجعل ما يحفظ فرجها؛ لئلا يسيل الدم فيلوث المسجد، وهذا اختيار ابن تيمية (٨)، وابن عثيمين (٩).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: ١٦].

ثانياً: من السنة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) (١٠).

وجه الدلالة:

أن الحائض إذا اضطرت إلى الطواف لا تستطيع إلا هذا.

ثالثاً: أن الصلاة أعظم من الطواف، ولو عجز المصلي عن شرائطها من الطهارة أو ستر العورة أو استقبال القبلة فإنه يصلي على حسب حاله، فالطواف أولى بذلك؛ فإن أصول الشريعة مبنية على أن ما عجز عنه العبد من شروط العبادات يسقط عنه، وكما لو عجز الطائف أن يطوف بنفسه راكبا وراجلا فإنه يحمل ويطاف به (١١).

الفرع الثالث: اشتراط الطهارة من الحدث في الطواف

أجمع أهل العلم على مشروعية الطهارة في الطواف (١٢)، ثم اختلفوا في لزومها على ثلاثة أقوال:


(١) رواه البخاري (٣٠٥)، ومسلم (١٢١١).
(٢) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤٤/ ٢٠٨).
(٣) رواه البخاري (١٧٣٣)، ومسلم (١٢١١).
(٤) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٤٤/ ٢٠٨).
(٥) قال النووي: (الطواف لا يصح من الحائض، وهذا مجمع عليه، لكن اختلفوا في علته على حسب اختلافهم في اشتراط الطهارة للطواف، فقال مالك والشافعي وأحمد: هي شرط، وقال أبو حنيفة: ليست بشرط وبه قال داود، فمن شرط الطهارة قال العلة في بطلان طواف الحائض عدم الطهارة ومن لم يشترطها قال العلة فيه كونها ممنوعة من اللبث في المسجد) ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١٤٧).
(٦) ((سبل السلام)) للصنعاني (١/ ١٠٥)،
(٧) ((المحلى)) لابن حزم (٥/ ١٨٩)، ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١٤٧)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (١/ ٥٧)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (١/ ١٦٦)، ((أحكام القرآن)) (١/ ٢٠٤)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (١/ ٨٠، ٤٣٤).
(٨) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ٢٤٣).
(٩) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (١/ ٣٣٢، ٧/ ٢٦٢).
(١٠) رواه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧).
(١١) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ٢٤٣، ٢٤٥).
(١٢) ((بداية المجتهد)) لابن رشد (١/ ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>