للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أقيمت صلاة الفريضة، فإنه يقطع الطواف بنية الرجوع إليه بعد الصلاة، فإذا قُضيت الصلاة يبدأ من حيث وقف، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، وبه قال أكثر أهل العلم (٤)، واختاره ابن حزم (٥)، وابن عثيمين (٦).

الأدلة:

دليل قطع الصلاة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) (٧).

وجه الدلالة:

أن الطواف صلاة، فيدخل في عموم الخبر، بوجوب المبادرة إلى الصلاة، وقطع طوافه (٨).

دليل البناء على ما سبق:

أن ما سبق بني على أساسٍ صحيحٍ وبمقتضى إذنٍ شرعي؛ فلا يمكن أن يكون باطلاً إلا بدليلٍ شرعي (٩).

المطلب العاشر: المشي للقادر عليه

إذا كان قادرا على المشي، فيجب عليه أن يطوف ماشياً، وهذا مذهب الحنفية (١٠)، والحنابلة (١١)، واختاره ابن عثيمين (١٢)، وأوجبه المالكية في الطواف الواجب فقط (١٣).

الأدلة:

١ - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي، قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفتُ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت، يقرأ بالطور وكتابٍ مسطور)) أخرجه البخاري ومسلم (١٤).

وجه الدلالة:

أن الترخيص لها بالطواف راكبة بسبب العذر، يدل أن العزيمة بخلاف ذلك، وأن الأصل أن يطوف ماشياً.


(١) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٠).
(٢) ((مواهب الجليل)) للحطاب (٤/ ١٠٥).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤٧).
(٤) قال ابن المنذر: (أجمعوا فيمن طاف بعض سبعة ثم قطع عليه بالصلاة المكتوبة، أنه يبتني من حيث قطع عليه إذا فرغ من صلاته، وانفرد الحسن البصري فقال: يستأنف) ((الإجماع)) (١/ ٥٥). وقال البغوي: (قال عطاء فيمن يطوف فتقام الصلاة، أو يدفع عن مكانه إذا سلم: يرجع إلى حيث قطع عليه فيبني. ويذكر نحوه عن ابن عمر وعبدالرحمن ابن أبي بكر) ((شرح السنة)) للبغوي (٧/ ١٢٧). وقال ابن قدامة: (هو قول أكثر أهل العلم، منهم ابن عمر، وسالم، وعطاء، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩٧).
(٥) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٢٠٢).
(٦) قال ابن عثيمين: (القول الراجح في مثل أنه إذا أقيمت صلاة الفريضة فإنه يقطعه بنية الرجوع إليه بعد الصلاة ... ولنفرض أنه قطعه حين حاذى الحجر، فإذا قضيت الصلاة هل يبدأ الطواف من المكان الذي قطعه فيه، أو يبدأ الطواف من جديد؟ اختلف العلماء في هذا، فالمشهور من المذهب أنه لا بد أن يبدأ الشوط من جديد، والقول الراجح أنه لا يشترط وأنه يبدأ من حيث وقف) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ٢٧٧).
(٧) رواه مسلم (٧١٠).
(٨) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩٧)، ((كشاف القناع)) (٢/ ٤٨٣).
(٩) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٢٩٦ - ٢٩٧).
(١٠) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٧٨)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٣٠).
(١١) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٩٩)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٩٥).
(١٢) قال ابن عثيمين: (طواف الإنسان محمولاً أو الطواف بالعربية وكذلك السعي بالعربية، فيه خلاف بين العلماء منهم من يقول: لا يجزي إلا لعذر، ومنهم من يقول يجوز للحاجة كتعليم الناس، والذي يظهر لي أنه لا يجوز إلا لعذرٍ كالمريض، أو رجل تعبان أيضاً ورجل يعلم الناس يطاف به محمولاً يعلم الناس كيفية الطواف، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين طاف على بعيره ليراه الناس ليتأسوا به، وأما بدون عذرٍ فلا يجوز) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٤/ ١٠١).
(١٣) ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ٤٠).
(١٤) رواه البخاري (٤٦٤)، ومسلم (١٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>