للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: كراهته، وهو مذهب المالكية (١)، وقولٌ للحنفية (٢)، وهو روايةٌ عن أحمد (٣)، وبه قال طائفةٌ من السلف (٤).

وذلك للآتي:

أولاً: أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو الأفضل، والمشروع في الطواف مجرد ذكر الله تعالى، ولم يثبت عنه في الطواف قراءة قرآن، بل الذكر، وهو المتوارث من السلف والمجمَع عليه، فكان أولى (٥).

ثانياً: أن ما ما ورد من الذكر مختصًّا بمكانٍ أو زمانٍ أو حال، فالاشتغال به أفضل من الاشتغال بالتلاوة (٦).

المبحث السابع: الدنو من البيت

يستحب للطائف أن يدنو من البيت, وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (٧) , والمالكية (٨) , والشافعية (٩) , والحنابلة (١٠).

وذلك للآتي:

أولاً: لشرف البيت، وأنه هو المقصود.

ثانياً: أنه أيسر في الاستلام والتقبيل.

المبحث الثامن: صلاة ركعتين خلف المقام بعد الطواف

المطلب الأول: حكم صلاة ركعتين خلف المقام بعد الطواف

صلاة ركعتين خلف المقام بعد الطواف، سنةٌ مؤكدة, وهو مذهب الشافعية في الأصح (١١)، والحنابلة (١٢) , واختاره ابن حزم (١٣)، وابن باز (١٤) , وابن عثيمين (١٥).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: ١٢٥].

ثانياً: من السنة:

١ - حديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة: ١٢٥] فجعل المقام بينه وبين البيت ... الحديث)) (١٦).

٢ - عن عبدالله بن أبي أوفى قال: ((اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين)) (١٧).


(١) ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (٢/ ٨٠٤).
(٢) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٢/ ٤٥٢)، ((الفتاوى الهندية)) (٥/ ٤١٥).
(٣) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٩١).
(٤) منهم: عروة بن الزبير، والحسن البصري، وروي عن عطاء في إحدى الروايتين عنه أن قراءة القرآن في الطواف أمرٌ محدث. ((المجموع)) للنووي (٨/ ٥٩)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٩١)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٧٢/ ٢٩٣).
(٥) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٢/ ٤٥٢)، وينظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٣/ ٥٩).
(٦) يقول ابن تيمية: قد يكون المفضول في وقت أفضل من الفاضل ... وكذلك الذكر والدعاء في الطواف وعرفة ونحوهما أفضل من قراءة القرآن. ((مجموع الفتاوى)) (١١/ ٣٩٩).
(٧) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٢/ ٣٥٥).
(٨) ((شرح مختصر خليل)) للخرشي (٢/ ٣١٥) , ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (٢/ ٨٠٤).
(٩) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (٤/ ٣٣٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٣٨).
(١٠) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٣٩٠) , ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٨٥).
(١١) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٦٢) , ((شرح النووي على مسلم)) (٨/ ١٧٥).
(١٢) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ١٥) , ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (١/ ٥٧٤).
(١٣) قال ابن حزم: (فإذا تم الطواف المذكور أتيا إلى مقام إبراهيم - عليه السلام - فصليا هنالك ركعتين وليستا فرضاً) ((المحلى)) (٥/ ٨٣).
(١٤) سُئِلَ ابن باز: هل ركعتا الطواف خلف المقام تلزم لكل طواف؟ وما حكم من نسيها؟ فقال: (لا تلزم خلف المقام، تجزئ الركعتان في كل مكانٍ من الحرم، ومن نسيها فلا حرج عليه؛ لأنها سنةٌ وليست واجبة) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (١٧/ ٢٢٨).
(١٥) قال ابن عثيمين: (والركعتان خلف المقام سنة) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (١١/ ٥٧).
(١٦) رواه مسلم (١٢١٨).
(١٧) رواه البخاري (١٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>