للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من صلى الظهر والعصر منفردًا يجوز له أن يجمع ويقصر، وهو قول الجمهور (١) من المالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤)، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة (٥)، واختاره الطحاوي (٦) (٧).

الأدلة:

أولاً: عن نافع قال: ((أن ابن عمر كان إذا لم يدرك الإمام يوم عرفة جمع بين الظهر والعصر في منزله)). (٨)

وجه الدلالة:

ابن عمر رضي الله عنهما هو أحد من روى حديث جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين, وكان مع ذلك يجمع وحده, فدل على أنه عرف أن الجمع لا يختص بالإمام (٩).

ثانياً: أن الجمع بين الصلاتين يوم عرفة إنما كان للحاجة إلى امتداد الوقوف ليتفرغوا للدعاء لأنه موقف يقصد إليه من أطراف الأرض، فشرع الجمع لئلا يشتغل عن الدعاء، والمنفرد وغيره في هذه الحاجة, سواء فيستويان في جواز الجمع (١٠).

ثالثاً: أن كل جمع جاز مع الإمام جاز منفردًا؛ فإن الجماعة ليست شرطاً في الجمع. (١١).

المطلب الخامس: صفة الأذان والإقامة للصلاتين

تكون الصلاة بأذان واحد وإقامتين، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية (١٢)، والشافعية (١٣)، والحنابلة (١٤)، وروي عن مالك (١٥)، واختاره الطبري (١٦)، وابن تيمية (١٧) (١٨).

الدليل:


(١) قال ابن عبدالبر: (قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وأحمد وإسحاق جائز أن يجمع بينهما من المسافرين من صلى مع الإمام ومن صلى وحده إذا كان مسافرًا) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٣٢٦) وقال ابن قدامة: (المنفرد يجمع كما يجمع مع الإمام، فعله ابن عمر، وبه قال عطاء، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وصاحبا أبي حنيفة). ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٦٦). وقال النووي: (أجمعت الأمة على أن للحاج أن يجمع بين الظهر والعصر إذا صلى مع الإمام فلو فات بعضهم الصلاة مع الإمام جاز له أن يصليهما منفرداً جامعاً بينهما عندنا وبه قال أحمد وجمهور العلماء. وقال أبو حنيفة: لا يجوز ووافقنا على أن الامام لو حضر ولم يحضر معه للصلاة أحد جاز له الجمع وعلى أن المأموم لو فاته الصلاتان بالمزدلفة مع الامام جاز له أن يصليهما منفرداً جامعاً فاحتج أصحابنا عليه بما وافق عليه والله أعلم). ((المجموع)) للنووي (٨/ ٩٢).
(٢) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٣٢٦)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (٢/ ٤٤).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٩٢).
(٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٦٦).
(٥) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (٢/ ٢٤)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (٢/ ٤٧٠).
(٦) ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٥١٣).
(٧) وبه قال أبو ثور وإسحاق. ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٣٢٦).
(٨) ذكره البخاري تعليقا في كتاب الحج باب الجمع بين الصلاتين بعرفة.
(٩) ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٥١٣).
(١٠) ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (٤/ ٣٣٩)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (٢/ ٤٧٠، ٤٧١).
(١١) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٦٦)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٩٢).
(١٢) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٢/ ١٥٢)، و ((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (١/ ١٤٣).
(١٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٩٢).
(١٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٣٦٥)، و ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٩١).
(١٥) وإن كان المشهور عنه أنه بأذانين وإقامتين. ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٣٢٦)، ((الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي)) (٢/ ٤٤).
(١٦) ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٣٢٦).
(١٧) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٦/ ١٣١).
(١٨) وبه قال الثوري وأبو ثور وأبو عبيد. ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>