للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها غرم جناية، فإذا أكل منها لم يغرم (١).

المطلب الرابع: الأكل من هدي الكفارات

لا يجوز الأكل من هدي الكفارات الذي وجب لفعل محظور، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (٢)، والمالكية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥) (٦).

وذلك للآتي:

- أنها دماء كفارات، يجب التصدق بها على الفقراء، وفي الأكل منها تفويت لحقهم (٧).

- أنها عوض عن الترفه، فالجمع بين الأكل منها والترفه، كالجمع بين العوض والمعوض (٨).

المبحث الثامن: من لم يقدر على الهدي

المطلب الأول: حكم من لم يقدر على الهدي

إذا لم يقدر المتمتع والقارن على الهدي بأن لم يجد هدياً في السوق، أو وجده لكن لم يجد معه ثمنه، فإنه يصوم عشرة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع (٩).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة: ١٩٦].

ثانياً: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((تمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فلما قدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال للناس: من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر، ثم ليهل بالحج ويهدي، فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) (١٠).

ثالثاً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك: ابنُ المنذر (١١) وابن قدامة (١٢).

المطلب الثاني: وقت صيام الثلاثة أيام في الحج لمن لم يجد الهدي

من لم يجد الهدي فإنه يبتدئ الصيام من زمن إحرامه، سواءً كان بإحرامه بالعمرة إذا كان متمتعاً، أو كان بإحرامه بالحج والعمرة إذا كان قارناً، وهذا مذهب الحنفية (١٣)، والحنابلة (١٤)، واختاره ابن عثيمين (١٥).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: ١٩٦].

وجه الدلالة:


(١) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ١٩٦).
(٢) ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (١/ ١٨٦)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٣/ ١٦١، ١٦٢).
(٣) ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (٢/ ٨٩)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (٢/ ٨٥٥).
(٤) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ٢٢١)، ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤١٧) ..
(٥) ((الشرح الكبير لابن قدامة)) (٣/ ٥٧٩)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٧٥).
(٦) منهم: عطاء، وطاووس، ومجاهد. ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ٢٥٥)، ((فتح الباري)) لابن حجر (٣/ ٥٥٧).
(٧) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ١٩٦).
(٨) ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (٢/ ٨٩).
(٩) ((مغني المحتاج)) للشربيني (١/ ٥١٦)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١٧٦).
(١٠) رواه البخاري (١٦٩١)، ومسلم (١٢٢٧)
(١١) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من أهل بعمرة في أشهر الحج من أهل الآفاق، وقدم مكة ففرغ منها، فأقام بها فحج من عامه أنه متمتع، وعليه الهديُ إذا وجد، وإلا فالصيام) ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٥٦).
(١٢) قال ابن قدامة: (لا نعلم بين أهل العلم خلافا، في أن المتمتع إذا لم يجد الهدي، ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع تلك عشرة كاملة) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٧).
(١٣) ((المبسوط)) للسرخسي (٤/ ٣٢٧)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (١/ ١٥٧).
(١٤) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ٤١٧)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٥٣).
(١٥) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٦/ ٤٨١)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (٢٢/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>