للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني: أن الأضحية واجبة على الموسر وهذا مذهب الحنفية (١)، وهو قول للمالكية (٢)،وقول مخرج في مذهب الحنابلة (٣)،وبه قال طائفة من السلف (٤) واختاره ابن تيمية (٥) والشوكاني (٦)، واستظهره ابن عثيمين (٧)

الأدلة:

أولاً: من القرآن:

قوله عز وجل فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: ٢].

وجه الدلالة:

أن المراد بالنحر ذبح الأضحية (٨)، والأصل في الأمر الوجوب، ومتى وجب على النبي عليه الصلاة والسلام يجب على الأمة لأنه قدوة للأمة (٩).

أحكام القرآن لابن العربي (ص١٢٠).

ثانياً: من السنة:

١ - عن جندب بن سفيان البجلي قال: ((ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحية ذات يوم فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة فلما انصرف رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة فقال من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله)) (١٠).

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعادة الذبح، ولولا أنه واجبٌ لما أمر بذلك (١١).

٢ - عن البراء بن عازب، قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة، فقال: من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب سنة المسلمين، ومن نسك قبل الصلاة، فتلك شاة لحم، فقام أبو بردة بن نيار، فقال: يا رسول الله، والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، فتعجلت، وأكلت، وأطعمت أهلي، وجيراني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك شاة لحم قال: فإن عندي عناق جذعة هي خير من شاتي لحم، فهل تجزي عني؟ قال: نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك)) (١٢).

وجه الدلالة:

أن قوله: ((ولن تجزي عن أحد بعدك)) أي لن تقضي، والقضاء لا يكون إلا عن واجب فقد اقتضى ذلك الوجوب (١٣).

المبحث الثاني: حكم الأضحية المنذورة


(١) ((العناية شرح الهداية)) (٩/ ٥٠٦)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (٩/ ٥٠٦).
(٢) ((أحكام القرآن)) لابن العربي (٤/ ٤٥٩)، ((تفسير القرطبي)) (١٥/ ١٠٩).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٢٣/ ١٦٣).
(٤) قال ابن حزم: ((وممن روينا عنه إيجاب الأضحية: مجاهد, ومكحول. وعن الشعبي: لم يكونوا يرخصون في ترك الأضحية إلا لحاج, أو مسافر)). ((المحلى)) (٧/ ٣٥٨). وقال ابن قدامة: (وقال ربيعة ... والثوري والأوزاعي والليث ... هي واجبة) ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٤٣٥).
(٥) قال ابن تيمية: (وأما الأضحية فالأظهر وجوبها أيضا فإنها من أعظم شعائر الإسلام وهي النسك العام في جميع الأمصار والنسك مقرون بالصلاة) ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (٢٣/ ١٦٢).
(٦) قال الشوكاني: (ويعرف أن الحق ما قاله الأقلون من كونها واجبة ولكن هذا الوجوب مقيد بالسعة فمن لا سعة له لا أضحية عليه). ((السيل الجرار)) للنووي (٨/ ٣٨٣).
(٧) قال ابن عثيمين: (فالقول بالوجوب أظهر من القول بعدم الوجوب، لكن بشرط القدرة) ((الشرح الممتع)) (٧/ ٤٢٢).
(٨) فهو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، وعطاء، ومجاهد، قال ابن كثير: (المراد بالنحر ذبح المناسك؛ ولهذا كانرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه، ويقول: «من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له»).تفسير ابن كثير (٨/ ٥٠٣)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (٦٩/ ٢١٨).
(٩) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٥/ ٦٢).
(١٠) رواه البخاري (٥٥٠٠)، ومسلم (١٩٦٠).
(١١) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (٦/ ٣)، ((السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)) (ص: ٧١٥) ..
(١٢) رواه البخاري (٥٥٥٦)، ومسلم (١٩٦١).
(١٣) ((أحكام القرآن)) للجصاص (٥/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>