للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من نذر أن يضحي، فإنه يجب عليه الوفاء بنذره سواء كان النذر لأضحية معينة أو غير معينة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤).

الدليل:

عن عائشة، رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه)) (٥).

وجه الدلالة:

أن التضحية قربة لله تعالى فتلزم بالنذر كسائر القرب.

هل تتعين الأضحية بالنية مع الشراء أو بالقول أو بالذبح؟

المبحث الثالث: بم يحصل تعيين الأضحية؟

اختلف الفقهاء في السبب الذي يحصل به تعيين الأضحية على ثلاثة أقوال:

القول الأول: تتعين الأضحية بالقول كأن يقول هذه أضحية، وهذا مذهب الشافعية (٦)، والحنابلة (٧)، واختاره ابن عثيمين (٨).

الأدلة:

أولاً: أنه إزالة ملك على وجه القربة فلا تؤثر فيه النية المقارنة للشراء كالعتق والوقف (٩).

ثانياً: أن الشراء موجب للملك وكونها أضحية مزيل للملك، ولا يصح أن يكون الشيء الواحد في حالة واحدة موجبا لثبوت الملك وإزالته، فلما أفاد الشراء ثبوت الملك امتنع أن يزول به الملك (١٠).

القول الثاني: تتعين الأضحية بشراء الأضحية مع أالنية، وهو مذهب الحنفية (١١)،وقول للحنابلة (١٢)، وبه قال ابن القاسم من للمالكية (١٣)، واختاره ابن تيمية (١٤)، واللجنة الدائمة (١٥).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

١ - عن عمر بن الخطاب رضي الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى)) (١٦).


(١) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (٨/ ١٩٩).
(٢) ((حاشية الدسوقي)) (٢/ ١٢٥)، ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٥٤).
(٣) ((المجموع)) للنووي (٨/ ٤٢٣)، ((روضة الطالبين)) (٣/ ٢٠٨)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (٤/ ٢٨٣).
(٤) (مطالب أولي النهى)) (٢/ ٤٨٠)، ((المغني)) لابن قدامة (٩/ ٤٤٤).
(٥) رواه البخاري (٦٦٩٦).
(٦) ((الأم)) للشافعي (٢/ ٢٢٣)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (١٥/ ٩٩)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (٤/ ٢٨٣).
(٧) ((المغني)) لابن قدامة (٣/ ١٠)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٦٤)،
(٨) يفرق الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بين الهدي والأضحية: فالهدي عنده يتعين بالقول وبالفعل مع النية، أما الأضحية فتتعين بالقول فقط؛ لأنه لا فعل خاص بها من الإشعار والتقليد. ((الشرح الممتع)) (٧/ ٤٦٧،٤٦٨).
(٩) فلو اشترى إنسان عبدا ليعتقه في كفارة أو غيرها فإنه لا يعتق بمجرد الشراء، وكذا لو اشترى بيتا ليوقفه فإنه لا يكون وقفا بمجرد الشراء حتى يفعل ما يختص بهذا الشيء. ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (٥/ ١١٧)، ((الشرح الممتع)) (٧/ ٤٦٨).
(١٠) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (١٥/ ١٠٠).
(١١) من الحنفية من من يخص الفقير بحصول التعيين بالشراء مع النية؛ لأنها لا تجب عليه شرعا فتعينت بالشراء مع النية، فهو كالنذر بالتضحية، ومنهم من يسوي في ذلك بين الغني والفقير. ((المبسوط)) للسرخسي (١٢/ ١٢)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (٥/ ٦٨)، الهداية شرح البداية (٤/ ٧٤)، ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (٦/ ٦).
(١٢) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٥٥٩)، ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٦٥).
(١٣) ((أحكام القرآن)) لابن العربي (٤/ ٤٥٩).
(١٤) ((الإنصاف)) للمرداوي (٤/ ٦٥).
(١٥) نص فتوى اللجنة الدائمة: (الأضحية تتعين بشرائها بنية الأضحية أو بتعيينها، فإذا تعينت فولدت قبل وقت ذبحها فاذبح ولدها تبعا لها). ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (١١/ ٤٠٢).
(١٦) رواه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧) بلفظ: (إنما الأعمال بالنية).

<<  <  ج: ص:  >  >>