للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبين الحكم الشرعي في هذه المسألة، ومن المعروف أن القرآن الكريم نزل منجمًا، وأن الأحكام الشرعية وردتْ أيضًا بالتدريج، ولا يخالف أيٌّ من العلماء في أن تحريم زواج المسلمة من غير المسلم شُرِعَ بعد الهجرة مع نزول آية البقرة، ولا يقول أحد: إن تحريم بقاء المسلمة مع زوج غير مسلم كان قبل نزول آية الممتحنة.

نعم، إن تغيير الدِّينِ لم يكن قبلَ الهجرة مؤثِّرًا على صحة عقودِ النكاح السابقة؛ لأنه لم يكنْ قد وَرَدَ الدليلُ المخالفُ لذلك، وأصبح مؤثِّرًا ومؤدِّيًا إلى التفريق بين الزوجين بعد نزول آية الممتحنة، كما ذكرنا.

الدليل السابع: من المعقول:

وهو أن التفريق لا يحقق مصلحة، بل هو مفسدة؛ لأنه يُنَفِّرُ من الدخول في الإسلام. أقول:

١ - معلوم أن الشرع إذا أَمَرَ بشيء فهو مصلحة، وإذا نهى عن شيء فهو مفسدة، ولو لم يدركْ ذلك الناسُ بعقولهم؛ لأن المصلحة أو المفسدة تتبع النصَّ الشرعيَّ، إن وُجِدَ، وإذا ظَنَّ الناسُ وجودَ مصلحة في مخالفة النصِّ فهي مصلحة متوَهَّمة، وليست حقيقية.

وعليه: فإن تفريق المرأة المسلمة عن زوجها غير المسلم هو المصلحة؛ لأنه أَمْرُ الله، وهو لا يُنَفِّرُ من الدخول في الإسلام أكثر من تفريق المرأة المسلمة إذا كانت محرَّمَةً على زوجها الكافر بسبب القرابة، أو المصاهرة، أو الرضاع، أو غير ذلك، وهذه زينب فَرَّقَهَا الإسلام عن زوجها أبي العاص ولم يَنْفِرْ، بل دخل في دين الله حين قُدِّرَتْ له الهداية.

الترجيح:

بعد عرض الأدلة ومناقشتها يتبين: أن أَولى الأقوال وأرجحَها وأوسطَها قولُ ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى.

وخلاصته: أن المرأة إذا أسلمتْ فلها أن تقيم مع زوجها متربصةً به الإسلام، على

<<  <  ج: ص:  >  >>