وعليه فلا غرو أن يختلف المعاصرون -أيضًا- في هذه المسائل المطروحة ونحوها إلى فريقين: مجيز ومانع.
[تحرير محل النزاع]
• وإذا كان مفهوم العمل السياسي في الشرق يكاد يقتصر على السعي لنصرة الدين من خلال المشاركة في مؤسسات صناعة القرار السياسي -كالأحزاب السياسية، والمجالس النيابية، ونحوها- فإن مفهومه في الغرب يتسع لكل سعي في نصرة الدين من خلال القنوات الرسمية بصفة عامة؛ فيتسع بذلك لكثير من الأنشطة الدعوية التي اتفق الناس كافة على مشروعيتها؛ فلم يُخْتَلَفْ فيها، ولم يُخْتَلَفْ عليها.
• فالعمل السياسي في الغرب منه ما هو متفق عليه، ومنه ما هو مختلف فيه؛ فما كان من جنس أعمال الاحتساب العام كالإنكار على ما يقع من الظلم والعسف، وتعمد الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، وإعلان هذا النكير بمختلف وسائل التعبير المتاحة في هذه المجتمعات- فإن مثل هذا ينبغي أن يكون في أصله من المحكم الذي لا يُخْتَلَفُ فيه ولا يُختَلَفُ عليه، ولا يدخل ابتداءً في محل النزاع، أمَّا مَا كان من جنس العمل السياسي بمفهومه الخاص (المشاركة في مؤسسات صنع القرار السياسي كالأحزاب النيابية ونحوه) فهذا هو موضع النظر؛ لاختلاط المصالح بالمفاسد في مثل هذه الأعمال.
وقد تقدَّمَ أن المقصود بالعمل السياسي في هذا المقام هو المشاركة في صنع القرار السياسي من خلال الأحزاب السياسية والمجالس النيابية، وغيرها من المؤسسات السياسية والدستورية للدولة، مع ما يستتبعه ذلك من التحالفات المؤقتة مع بعض القوى السياسية الأخرى، أو استعمال بعض الآليات الديموقراطية المتاحة، كالتظاهر، والعصيان المدني، وتكوين جماعات الضغط ونحوه؛ وذلك بغيةَ تحصيل بعض المصالح الشرعية للأقليات الإسلامية، كحماية حقوقها السياسية والمدنية، ونحوه، وتعطيل أو