وفي كل الأحوال تكون الأحكام الشرعية الخمسة قد أَخرجت المكلَّفَ من دائرة هواه وشهواته ونزواته.
وإدراك هذه القاعدة وامتثالها ينبه إلى أمور ووسائل مهمة، منها:
١ - كل عمل كان المتَّبَع فيه الهوى بإطلاق من غير التفات إلى الأمر أو النهي أو التخيير فهو باطل بإطلاق.
٢ - اتباع الهوى طريق إلى المذموم، وإن جاء في ضمن المحمود؛ لأنه إذا تبين أنه مضاد بوضعه لوضع الشريعة، فحيثما زاحم مقتضاها في العمل كان مخوفًا.
٣ - اتباع الهوى في الأحكام الشرعية مظنة لأن يحتال بها على أغراضه، فتصير كالآلة المعَدَّة لاقتناص أغراضه، كالمرائي يتخذ الأعمال الصالحة سُلَّمًا لما في أيدي الناس (١).
[تطبيقات القاعدة في تأصيل فقه الأقليات]
من المعلوم أن خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين لا يفرق بين مسلمٍ يعيش في الشرق وآخرَ في الغرب، ومعلوم أيضًا أن خصوصية المجتمع الذي تعيش فيه الأقلية المسلمة بعيدًا عن ديار الإسلام لا يصلح أن يحمل المسلمين في تلك الديار إلى حالةِ تَلَمُّسٍ للرخص وتفتيش عن الضرورات، وانتقاء للحاجيات؛ لئلَّا يتحول هذا إلى نوع من الترخيص السلبي الذي لا ينسجم مع كليات الشرع، وخصائص الأمة والرسالة.
وفي نفس الوقت تنبغي المحافظة على حياة هذه الأقليات المسلمة، ورعاية هويتها الإسلامية، وتعهد الأجيال المتعاقبة حتى لا تتعرض لحملات التذويب، وطمس الهوية، وتغييب الثقافة الإسلامية.