النصوص الجزئية من الكتاب والسنة بدعوى المحافظة على روح الشريعة ومقاصدها، ولا تُترك رعاية المقاصد الكلية استمساكًا بالمسائل الجزئية، مع تأصيل مبدأ تغير الفُتْيَا بتغير الزمان والمكان والحال والأشخاص، وتُراعى أهمية الموازنة بين المحافظة على الوجود الإسلامي للمسلمين خارج البلاد الإسلامية، والدفاع عن الهوية والخصوصية الدينية والحضارية والثقافية، ومقتضيات ما يسمى بالمواطنة في بلاد غير المسلمين.
وهي من جهة أخرى تمهد للرد على من حاول إخراج الوجود الإسلامي في بلاد الأقليات عن سلطان الفقه والأصول والقواعد الشرعية، وذلك بابتداع أو إحداث أصول جديدة.
القاعدة الثانية: الاجتهاد المحقق لشروطه معتبر شرعًا:
المعنى العام للقاعدة:
حتى يكون الاجتهاد معتبرًا فله شروط تتعلق بالمجتهِد، وشروط تتعلق بالمجتهَد فيه.
وإذا صدر الاجتهاد ممن تحققت فيه شروط المجتهد الشخصية من الإسلام والتكليف والعدالة وفقه النفس، وكذا شروط المجتهد العلمية المطلوبة لدى الاجتهاد المطلق أو المقيد من معرفة كتاب الله العزيز، وآيات الأحكام فيه، وما يتعلق بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، والسنة المطهرة وأحاديث الأحكام فيها، وما يتميز به المقبول من المردود، والصحيح من السقيم، ومعرفة اللغة العربية وأساليبها وتراكيبها، وطرائق أهلها، بما يميز به صريح الكلام وظاهره ومجمله، وحقيقته ومجازه، ومعاني الألفاظ والتراكيب، ووجوه الدلالات المختلفة، ومعرفة علم أصول الفقه وقواعد الاستدلال، وأصول الاستنباط، وطرق الترجيح، ومعرفة مسائل الإجماع ومواقعه، ومسائل الخلاف ومظانه، ومقاصد الشريعة، وما بنيت عليه من جلب المصالح ودفع المفاسد، وغير ذلك مما يطلب في شخص المجتهد وصفاته العلمية (١) -فإنه يكون عندئذٍ معتبرًا إذا كان في محلٍّ
(١) الإحكام، للآمدي، (٤/ ١٧٠ - ١٧١)، الموافقات، للشاطبي، (٤/ ١٠٥ - ١١٨)، شرح جمع الجوامع مع =