للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

ولاية المراكز الإسلامية في التطليق والتفريق

[توصيف المسألة وتكييفها]

لم يرتضِ عامة الفقهاء المعاصرين -استنادًا إلى ما أصَّله المتقدمون، وثبت في محكمات الشريعة- وقوع الطلاق بين المسلمين بعبارة قاضٍ غير مسلم وفقًا لأحكامٍ علمانَّيةٍ لا تَمُتُّ إلى دين الإسلام بصلة.

واحتاجوا إلى مخرج لبحث كيفية إجراء هذه الأحكام التي تفتقر إلى ولاية القضاء في إصدارها وإلزام الكافة بها.

كما أنه نظرًا لاغتراب كثير من المسلمين في بلاد الأقليات؛ فإنه توجد نوازل أخرى في باب الأحوال الشخصية عند التزويج، كما هي عند التفريق؛ إذ إن جمهور العلماء على أن المسلمة لا تُزَوِّجُ نفسها، وأنها تحتاج إلى وليها في هذا الشأن المهم، فإذا فقدت المرأة أولياء من العصبات في بلاد الإسلام رفعتْ أَمْرَها إلى القضاء فتزوجت بولاية السلطان؛ إذ "السلطان وليُّ من لا وليَّ له" (١) (٢).

وفي بلاد الأقليات توجد مسلمات لا أولياء لهن من عصباتهن؛ لاختلاف الدين، ولا قضاء يَستند إلى الإسلام في أحكامه، ولا تُنظر قضيتها لو رُفعت؛ لأن عقد الزواج هناك مدني يقوم على أن تُزوج المرأةُ نفسَهَا من غير حاجة إلى وليٍّ، فكيف السبيل لحل هذه


(١) أخرجه أبو داود، كتاب النكاح، باب: في الولي، (٢٠٨٣)، والترمذي، كتاب النكاح، باب: ما جاء لا نكاح إلا بولي، (١١٠٢)، وابن ماجة، كتاب النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي، (١٨٧٩) من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا. وقال الترمذي عقبه: "حديث حسن". وروي من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا.
(٢) المراكز الإسلامية في أمريكا الشمالية نشأتها -أنشطتها والأحكام الفقهية المتعلقة بها، د. معمر موفق الغلاييني، دار عمار، الأردن، ط ١، ١٤٣٠ هـ، (ص ٢٥٢ - ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>