للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحم الخنزير "رجسًا" قالوا: إنما قال القرآن ذلك في خنازير كانت سيئة التغذية، أما خنازير اليوم فليست كذلك، إنها خنازير عصرية، وليست خنازير متخلفة كخنازير العصور الماضية!!

وإذا قال القرآن في الميراث: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١]، قالوا: إنما كان قبل أن تخرج المرأة للعمل، وتثبت وجودها في ميادين الحياة المختلفة.

أما اليوم فقد أصبح لها شخصيتها واستقلالها الاقتصادي، فلزم أن ترث كما يرث الرجل، ولم يعد مجال للتفرقة بين الجنسيين!!

وإذا قال القرآن: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: ٩٠]، قالوا: إنما حرَّم القرآن ذلك في بيئة حارَّة، ولو نزل القرآن في بيئة باردة لكان له موقف آخر!! (١).

رابعًا: أن يلتزم الشروط المقررة عند اختيار أحد المذاهب في المسألة:

وهذه الشروط هي:

١ - أن يتبع القول لدليله ولا يختار من المذاهب أضعفها دليلًا، بل يختار أقواها دليلًا؛ لأن الفُتيا شرع عام على المكلفين، واتباع الشرع إنما يكون بالدليل، وليس اتباعًا للهوى، والأدلة يجب فيها اتباع الراجح، أما الحكم أو الفُتيا بما هو مرجوح فخلاف الإجماع.

٢ - أن يجتهد ويستفرغ وسعه تمامًا في ألا يخالف الإجماع.

٣ - أن لا يتبع أهواء الناس، بل يتبع الدليل والمصلحة المعتبرة شرعًا بشروطها (٢).

خامسًا: أن يستدل ثم يعتقد، ولا يعتقد ثم يستدل:

فالواجب على المفتي أن يتصور المسألة جيدًا، ثم يستدل على حكمها بأدلة الشريعة


(١) الفتوى بين الانضباط والتسيب، للقرضاوي، (ص ٨٨ - ٨٩).
(٢) الإحكام في تمييز الفتاوي عن الأحكام، للقرافي، (ص ٩٢ - ٩٣)، أصول الفقه، لأبي زهرة، (ص ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>