للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ثم لا تعرف الأمة في ظل الاجتهاد الفقهي ضعفًا أيًّا كان لونه، وتظل في منزلة الخيرية التي بوأها الله إياها، والتي ينبغي عليها أن تجاهد دونها وتحافظ عليها (١).

[المطلب الثاني: حكم الاشتغال بنوازل الأقليات المسلمة]

إن الاشتغال بنوازل الأقليات هو اشتغال بالاجتهاد الفقهي في باب خاص من أبواب الفقه يندر الاهتمام به وتقل العناية ببحثه لأسباب متعددة، وإدراك حكم الاشتغال به يترتب على معرفة حكم الاجتهاد بإطلاق، ثم بقيد نوازل الأقليات، وذلك على النحو التالي:

[الفرع الأول: معنى الاجتهاد]

لا تخرج عبارات الفقهاء والأصوليين -وإن تنوعت أو ضاقت أو اتسعت- عن أن الاجتهاد هو استفراغ الوسع وبذل الجهد من الفقيه المتأهل لتحصيل ظن بحكم شرعي.

فيعرِّفه الغزالي بقوله: "هو عبارة عن بذل المجهود، واستفراغ الوسع في طلب العلم بأحكام الشريعة، بحيث يحس من نفسه العجز عن مزيد طلب" (٢).

وعرَّفه الكمال ابن الهمام بأنه: "بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكم شرعي ظني" (٣)، وقد تضمن التعريف القيود التالية:

القيد الأول: بذل الوسع والطاقة، فمن لم يبذل جهده ويستفرغ وسعه، حتى يُحِسَّ من نفسه العجز عن مزيد بحث، لا يقال له اجتهد، وهذا المعنى دلت عليه اللغة.

القيد الثاني: أن يكون صادرًا من أهله، فمن بذل جهده في تحصيل الحكم الشرعي


(١) منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة، د. مسفر القحطاني، (ص ١٢٠ - ١٢١).
(٢) المستصفى، للغزالي، (ص ٣٤٢).
(٣) التقرير والتحبير شرح التحرير، لمحمد بن محمد بن أمير الحاج، دار الفكر، ١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م، (٣/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>