والناسخ والمنسوخ، والعام والخاص، وسائر ما يعتري الألفاظ من وجوه الدلالات، ومن ذلك أيضًا: معرفة آثار الصحابة والإشراف على مسائل الخلاف والوقوف على مواضع الإجماع، والاطلاع على الفتاوي، ومعرفة اختلاف العلماء في لسان العرب، والإحاطة بوجوه الجمع والترجيح، ومعرفة القواعد الكليات الجامعة للجزئيات، والأصول التي تنطوي تحتها الفرعيات، ومعرفة الأشباه والنظائر، وملاحظة الفروق بين المسائل (١).
فهذه جملة الآلة التي لا بدَّ منها للمجتهد حتى يصلح له النظر في المستجدات، ويعتبر له قول، وتُقبل له فتوى في نائبات المسائل والنوازل، والاجتهاد منصِبٌ يقبل التجزؤ على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعليه لا يلزم المجتهد في الواقعة إلَّا أن يكون ملمًا بما تَرِدُ إليه من القواعد والأصول، عارفًا بما يختصُّ بها من الأخبار والأقوال.
[المطلب الثاني: ضوابط في أثناء استنباط الحكم على النازلة]
سبق الكلام في المطلب الأول على بعض الضوابط التي يحتاجها الناظر في النوازل قبل الفُتيا في الواقعة، وفي هذا المطلب بيان لبعض الضوابط والآداب التي ينبغي أن تراعى أثناء استنباط حكم النازلة والفتيا فيها؛ ومن هذه الضوابط ما يلي:
أولًا: أن يتطابق الاجتهاد مع ما يحقق العبودية لله رب العالمين:
فالإسلام هو الاستسلام لله، والتجرد من متابعة غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والشريعة وضعت ليخرج المكلف من عبادة النفس والهوى إلى عبادة المولى جل وعلا، فإمَّا أن يكون المرء عبدًا لله، وإلا فهو عبد لغيره، وغيره قد يكون هواه، فكل من استكبر عن