للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما مُنعت نساء بني إسرائيل" (١)؛ لأن هذا سيكون سببًا لمفاسد تزيد على مصالح النساء في المساجد، مثل: استفادتهن من القراءة أو أخذ العلم (٢).

لكن قد يقال: إن هذا ليس من الاستصلاح في شيء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن للنساء في الذهاب إلى المساجد، ومنعهن في نفس الوقت من التبرج والزينة وإثارة الفتنة، فإذا تعلق بصورة واحدة كل من مناطي الإذن والمنع، قدم المنع عملًا بالقاعدة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"؛ فالإذن للنساء بالخروج إنما هو بناء على النص الدالِّ على ذلك، ومنعهن مِن الخروج هو أيضًا بناء على النص الدال على ذلك (٣).

ولا يمنعنا ما قرره فقهاء المذاهب في هذه المسألة أن نقول: إذا زال المحظور الذي وجد في الزمن الأول، أو لم يعد يوجد ما يبرره اليوم، أو كانت المصلحة أرجح فلتعد الفتيا إلى سابق العهد، ولا سيما وقد خرجت المرأة من بيتها للعمل والدراسة في الجامعات وفي كل المجتمعات، فلا يصح أن يبقى المسجد هو المكان الذي يحظر عليها ارتياده، مع ما تحقق بالتجربة من استفادة المرأة المسلمة من ذهابها إلى المسجد للجمعة أو الجماعات أو الدروس ونحو ذلك.

[النوع الثالث: قبول شهادة الأمثل فالأمثل]

لا يخفى أن العدالة مشترطة في الشاهد؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢].

ومع تقدم الزمان وسوء الأحوال وضعف وازع الإيمان، فإن القاضي إذا طلب تحقيق


(١) أخرجه: البخاري، كتاب الأذان، باب: انتظار الناس قيام الإمام العالم، (٨٦٩)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب: خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة وأنها لا تخرج متطيبة، (٤٤٥)، -واللفظ له- من حديث عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- به.
(٢) تعليل الأحكام، د. مصطفى شلبي، (ص ٣٩).
(٣) ضوابط المصلحة، للبوطي، (ص ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>