للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصالح من حيث حكمها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

١ - المصالح المعتبرة: وهي التي حَكَمَ الشارع عليها بالاعتبار، وذلك كتشريع القصاص لمصلحة حفظ النفس، وتشريع الجهاد لمصلحة حفظ الدين، وهذه لا خلاف في اعتبارها، وليست هي المعنية بالدراسة في أصل المصلحة.

٢ - المصالح الملغاة: وهي التي حكم الشرع عليها بالإلغاء، وذلك كمصلحة الأنثى في مساواتها بالذكر في الميراث، ومصلحة المرابي في تنمية ماله عن طريق الربا، فهذه لا خلاف في إهدارها، وعدم التعويل عليها.

٣ - المصالح المرسلة: وهي التي لم يشهد لها الشارع بالاعتبار، ولا بالإلغاء، مع دخولها تحت أصل كلي معمول به في الشرع، وهذه هي المقصودة عند إطلاق لفظ المصلحة في الأصول.

فهي: "كل منفعة داخلة في مقاصد الشارع الضرورية، والحاجية ودون أن يكون لها شاهد بالاعتبار أو الإلغاء" وقد سمَّاها العلماء مصلحة مرسلة، أما كونها مصلحة: فلأنها تجلب نفعًا، وتدفع ضررًا، وهي مرسلة: لأنها مطلقة عن اعتبار الشارع أو إلغائه، فهي إذن تكون في الوقائع المسكوت عنها، وليس لها نظير منصوص على حكمه حتى تقاس عليه، وفيها وصف مناسب لتشريع حكم معين، من شأنه أن يحقق منفعة أو يدفع مفسدة (١).

[حجية المصلحة المرسلة]

لا خلاف بين العلماء في أن العبادات لا يجري فيها العمل بالمصالح المرسلة؛ لأن العبادة سبيلها التوقيف، فلا مجال فيها للاجتهاد والرأي، والزيادة عليها ابتداع في الدين، والابتداع مذموم (٢)، ويدل على ذلك السنة والإجماع والاستقراء (٣).


(١) الوجيز في أصول الفقه، د. عبد الكريم زيدان، (ص ٢٣٧).
(٢) المرجع السابق، (ص ٢٣٨).
(٣) القواعد النورانية، لابن تيمية، (ص ١١٢ - ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>