للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحيل المشروعة]

وهي ما لا خلاف في جوازه؛ كالنطق بكلمة الكفر حالةَ الإكراه، والمعاريض التي يتخلص بها الإنسان من المآثم أو المكاره، وقد ثبتت بالسنة الفعلية والقولية، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للسائل الذي سألة: ممن أنتما؟، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نحن من ماء" (١)، يريد مخلوقين من ماء، لا أنه من بلدة ماء، "وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد غزوة ورَّى بغيرها" (٢)، وكان يقول: "إن في المعاريض لمندوحةً عن الكذب" (٣).

وكان الصِّدِّيق يقول لمن سألة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق الهجرة: "من هذا الرجل الذي بين يديك"؟ فيقول: "هذا الرجل يهديني السبيل" (٤).

فإذا كانت الحيل لا شبهةَ فيها، ولا يترتب عليها مفسدةٌ، وفيها مصلحةٌ، أو رفعُ حرجٍ، أو تيسيرٌ فهذا من الحيل المشروعة.

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "فأحسن المخارج ما خَلَّص من المآثم، وأقبح الحيل ما


(١) أخرجه: الإمام محمد بن إسحاق في "سيرته" (١/ ٦١٦ - سيرة ابن هشام، تحقيق: مصطفى السقا، وإبراهيم الإبياري، وعبد الحفيظ شلبي، ط: مصطفى البابي الحلبي، مصر) من طريق محمد بن يحيى بن حبان مرسلاً، ومن طريق ابن إسحاق، أخرجه: الطبري في "تاريخ الرسل والملوك"، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، دار المعرف، القاهرة، ط ٢، (٢/ ٤٣٦).
(٢) أخرجه: البخاري، كتاب المغازي، باب: حديث كعب بن مالك، (٤٤١٨)، ومسلم، كتاب التوبة، باب: حديث توبة كعب بن مالك وصاحبَيه، (٢٧٦٩)، من حديث كعب بن مالك -رضي الله عنه- الطويل في قصة توبته من التخلُّف عن غزوة تبوك، قال: "ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد غزوةً إلا ورَّى بغيرها".
(٣) أخرجه: البيهقي في "سننه الكبرى"، كتاب الشهادات، باب: المعاريض فيها مندوحة عن الكذب، (١٠/ ١٩٩)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"، تحقيق: بشر محمد عيون، مكتبة دار البيان، دمشق، ط ١، ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م، (٣٢٧)، وأبو أحمد عبد الله بن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال"، تحقيق: يحيى مختاز غزاوي، دار الفكر، بيروت، ط ٣، ١٤٠٩ هـ / ١٩٨٨ م، (١/ ٣٥، ٣/ ٩٦)، من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- مرفوعًا. ورُوي موقوفًا؛ قال البيهقي بعد أن أخرجه موقوفًا (١٠/ ١٩٩): "هذا هو الصحيح موقوف". اهـ.
(٤) أخرجه: البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة، (٣٩١١)، من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-، ضمن قطعة من حديث الهجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>