للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حصول التيسير على المستفتي -فليس له فائدة، ويكون العمل به عبثًا، وشرع الله تعالى منزه عن العبث واللغو.

فعلى سبيل المثال: لو غلب على الظن أن الحجيج إن قيل لهم بصحة الرمي قبل الزوال سيزدحمون قبل الزوال كازدحامهم بعد الزوال؛ فعندئذٍ لا يصح ولا يجوز إفتاؤهم بالأيسر، ولا العمل بمبدأ التيسير؛ لأنه لا فائدة فيه، ولا ثمرة منه.

الضابط الثالث (١): ألَّا يترتب على الأخذ بالأيسر مصادمة الشريعة:

فيشترط للتيسير عليه ألَّا يترتب عليه معارضة مصادر الشريعة القطعية أو أصولها ومبادئها العامة، كأن يكون الأخذ بالأيسر مخالفًا للإجماع، أو مصادمًا لنص صريح، أو لقواعد مقررة ثابتة بنصوص الكتاب والسنة، فإنَّ القول -مثلاً- بجواز الربا القليل على جهة التيسير مصادمة لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨].

يقول القرافي -رحمه الله-: "كل شيء أفتى فيه المجتهد فخرجت فتياه فيه على خلاف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي السالم عن المعارض الراجح- لا يجوز لمقلده أن ينقله للناس، ولا يفتي به في دين الله تعالى؛ فإنَّ هذا الحكم لو حكم به حاكم لنقضناه، وما لا نقره شرعًا بعد تقرره بحكم الحاكم أولى ألا نقره شرعًا إذا لم يتأكد، وهذا لم يتأكد فلا نقره شرعًا، والفُتيا بغير شرع حرام، والفُتيا بهذا الحكم حرام" (٢).

[الضابط الرابع: استناد التيسير إلى دليل]

فالقول بالتيسير لا بد له من دليل شرعي يسنده ويؤيده، أما أن يفتي المفتي بالتيسير دون ضابط من دليل كتاب، أو سنة، أو اجتهاد فهذا ما لا يقره الشرع؛ فعلى


(١) الرخص الشرعية، د. وهبة الزحيلي، (ص ٨٨).
(٢) الفروق، للقرافي، (٢/ ٥٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>