الذي حكم به وألزم به الأُمَّة! قل: هذا حكم زفر، ولا تقل: هذا حكم الله (١).
سابعًا: مراعاة الحال والزمان والمكان، أو فقه الواقع المحيط بالنازلة:
قد تتغير الفُتيا بتغير الزمان والمكان إذا كان الحكم مبنيًّا على عرف البلد، ثم تغير العرف إلى عرف جديد لا يخالف النصوص الشرعية، كألفاظ العقود والطلاق واليمين، ونحوها.
فعلى المفتي مراعاة هذا الأصل وضبطه، فربَّ فتوى تصلح لعصر دون عصر، ومصر دون مصر، وشخص دون شخص، بل قد تصلح لشخص في حال، ولا تصلح له في حال أخرى.
ولعل من المهم أن نشير -مرة أخرى- إلى بعض الضوابط الهامة التي سبقت، والتي يجب أن تراعى عند تغير الأزمنة أو الأمكنة أو الظروف، مما يؤدي إلى تغير الفتيا، ومنها:
١ - أن الشريعة الإسلامية ثابتة لا تتغير بتغير الأحوال ومرور الزمان، وكون بعض الأحكام الشرعية تختلف بسبب تغير الزمان أو المكان أو العرف فليس معناه أن الأحكام مضطربة -عياذًا بالله- أو متباينة، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢].
وإنما ذلك لأن الحكم الشرعي لازمٌ لعلته وجارٍ معها، فيدور معها وجودًا وعدمًا، فإذا اختلفت الأحوال والأمكنة والأزمنة اختلفت العلل في بعض الأحكام، فيتغير الحكم بناءً على ذلك، وهو عين المصلحة والحكمة واليسر ورفع الحرج، وذلك من كمال الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان، ولله الحمد والمنة.
٢ - إن تغير الفُتيا بتغير الزمان أو الكان أو العوائد والأعراف، ونحو ذلك، ليس خاضعًا للتشهي وأهواء الناس، وإنما يرجع لوجود سبب شرعي يدعو المجتهد إلى إعادة النظر في مدارك الأحكام، ومن ثم تتغير الفُتيا تبعًا لتغير مداركها نتيجةً لمصالح