من نوازل الزكاة: حكم دفع الزكاة لغير المسلمين ببلاد الأقليات
[تصوير المسألة وتكييفها]
الزكاة ثالث أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وهي عبادة مالية، فرضها الله على الأغنياء لِتُرَدَّ على الفقراء؛ تحقيقًا للتكافل بين المسلمين، وإشاعةً للتراحم بين طبقات المجتمع المسلم وفئاته.
وما من شك أن الزكاة كما شرعت لسدِّ خلَّة الفقراء؛ فإنها شرعت لتقوية شوكة الإسلام وإعزازه، والدفع عنه في نحور أعدائه؛ ولذا جاء ضمن مصارف الزكاة الثمانية سهمُ المؤلفة قلوبهم، وهم أقسام، منهم المسلمون، ومنهم الكفار.
وأغنياء المسلمين ببلاد الأقليات اليوم منهم من يسأل عن حكم إعطاء الزكاة لكافرٍ ابتداءً، وهذا لا يمثل نازلة، وإنما يدقُّ المأخذ حين يكون السؤال: هل يجوز بذل الزكاة لدفع شرِّ الكفار في بلاد الأقليات، أو لكسب قلوبهم بالإحسان، أو لتحقيق مصلحة دينية، أو اجتماعية، أو سياسية للأقليات المسلمة في تلك الديار؟
ومن المعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر تألَّف قومًا على الإسلام؛ كالأقرع بن حابس، وصفوان ابن أمية، وعيينة بن حصن؛ فأعطى كلًّا مائةً من الإبل، فلما قوي المسلمون في عهد عمر -رضي الله عنه- أوقف هذا السهم، ولما جاءه الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن منعهما العطاء، وقال لهما:"إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتآلفكما والإسلام يومئذٍ ذليلُ، وإن الله -عز وجل- قد أعز الإسلام، فاذهبا فاجهدا جهدكما لا أرعى الله عليكما إن رعيتما"! (١).