للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلاف عصرٍ وأوان، لا اختلاف حجة وبرهان (١).

[الفرع الثاني: اختلاف المكان]

لقد تجلَّى أثر المكان في الفُتيا وفي الأحكام الاجتهادية بشكل ظاهر في أنواع وأمثلة كثيرة، منها:

[النوع الأول: رعاية حرمة المكان]

فالدية في أسنان الإبل تختلف باختلاف المكان عند عمر -رضي الله عنه-؛ إذ الجناية في الحرم غيرها في سائر الأماكن، ومقدار التغليظ ثلث الدية سواء كانت الدية إبلًا أو غيرها في بقية الأجناس، لكن الإمامين أبا حنيفة ومالكًا لا يفرقان بين القتل في الحرم وغيره من حيث الدية. أما عند الشافعي وأحمد فيجب التغليظ، وإن اختلفا في كيفية التغليظ (٢).

[النوع الثاني: أثر البيئة الجغرافية في تغير الأحكام]

تبدو البيئة بجميع عناصرها -ومن أهمها: المكان- مؤثرة في الأحكام الشرعية بوجه أو بآخر، ذلك أن الناس يكتسبون بعض خصائصهم من بلادهم، وتؤثر فيهم تضاريسها ومناخها، فالمناطق المتحضرة تختلف ويختلف أهلها وفقهها عن غيرها من أماكن البادية، وكنتيجة لذلك تتغير أوقات العمل على حسب درجة البرودة والحرارة أو الاختلافات الأخرى، مثل ما هو الحال في القطبين والأماكن الأخرى؛ وهذا من أسباب تغيير الإمام الشافعي لمذهبه القديم بعد أن جاء إلى مصر (٣).


(١) نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف، لابن عابدين، ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين، (٢/ ١٢٥ - ١٢٦)، المدخل الفقهي العام، لمصطفى الزرقا، (٢/ ٩٤٨ - ٩٤٩).
(٢) كشاف القناع عن متن الإقناع، لمنصور بن يونس البهوتي، تحقيق: هلال مصليحي، دار الفكر، بيروت، ١٤٠٢ هـ، ٠٦/ ٣٠ - ٣١)، فقه عمر بن الخطاب، للرحيلي، (ص ٤٤٧).
(٣) ضحى الإسلام، لأحمد أمين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٧ م، (٠٢/ ٢٢١ - ٢٢٣)، تغير الأحكام في الشريعة الإسلامية، محمد أردوغان، منشورات وقف كلية الإلهيات، بجامعة مرمرا، إسطنبول، ط ٢، ١٩٩٤ م، (ص ١٧، ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>