للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

أهمية التأصيل لفقه نوازل الأقليات وحكمه

[المطلب الأول: أهمية التأصيل لفقه نوازل الأقليات المسلمة]

المتأمل في قواعد الشريعة ونصوصها الإجمالية ومقاصدها العامة ومبانيها الكلية، يلمس بجلاء أنها عُنيت ببناء المجتمع الإنساني وتدبير شئونه؛ الجليل منها والدقيق، بل ويلحظ أيضًا أن كل ترتيب أو تدبير أو تشريع يتعلق بالفرد أو الفئة قليلة الأفراد يُرَاعى فيه المجتمع أو المجموع، فليست حكمة التشريع قاصرة على مراعاة مصلحة الفرد دون المجتمع أو العكس، وهذا معنى ملموس في شعائر التعبد، كما هو ملحوظ في سائر الأحكام الشرعية التي تحقق رسالة الإنسان على هذه الأرض، وتمكنه من القيام بواجب الخلافة؛ إذ "القصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض، وحفظ نظام التعايش فيها، واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بما كلفوا به من عدل واستقامة، ومن صلاح في العقل وفي العمل، وإصلاح في الأرض واستنباطٍ لخيراتها وتدبيرٍ لمنافع الجميع" (١).

وبناء على هذا المقصد القائم على المفهوم الجماعي للتدين جاءت تعاليم الشريعة بصفة عامة، وما يتعلق منها بوجوه التعامل بين الناس بصفة خاصة، متجهة ببيانها التفصيلي إلى مقتضى وجود جماعي للأمة المسلمة تدير فيه شئون الحياة وفقًا لمنهج الله.

وذلك سواء فيما يشجر بينهم من الخلافات والعلاقات، أو فيما يشجر بينهم وبين


(١) مقاصد الشريعة ومكارمها، لعلال الفاسي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط ٥ (١٩٩٣ م)، (ص ٤٥ - ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>