كتاب فقه النوازل للأقليات المسلمة

المسلك الأول: من حيث تكييف الاجتهاد، وهذا يتفرع إلى منحيين - المنحى الثاني: اعتبار الاجتهاد صفة للمجتهد - ج: 1 - ص: 312

حاول أصحاب هذا الاتجاه التعبير عن الاجتهاد بفعل المجتهد فصدروا تعريفهم ببذل الطاقة أو استفراغ الجهد أو غيرهما من كلمات تدل على الجهد الذي يبذله المجتهد.

وقد ذهب بعض المعاصرين (١) إلى أن الغزالي اختار كلمة "بذل" عند تعريفه للاجتهاد بقوله: "والاجتهاد التام أن يبذل الوسع في الطلب بحيث يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب" (٢).

إلا أنه بالرجوع إلى تعريف الغزالي الأول عند قوله: "الركن الأول في نفس الاجتهاد وهو عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال" (٣)، نجد أنه قد جمع بين الكلمتين فاستخدم بذل واستفراغ في التعبير عن فعل المجتهد.

وممن اختار كلمة استفراغ: الآمدي بقوله: "استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد فيه" (٤)

وتابعه ابن الحاجب (٥) والبيضاوي (٦) وغيرهما.

ومن الأصوليين من جمع بين الكلمتين كالغزالي، ومن قبله الشيرازي بقوله: "الاجتهاد في عرف الفقهاء استفراغ الوسع ويذل المجهود في طلب الحكم الشرعي" (٧).

المنحى الثاني: اعتبار الاجتهاد صفة للمجتهد:

---

(١) المنهج الفريد، د. وميض العمري، (ص ٢٠).
(٢) المستصفى، للغزالي، (ص ٣٤٢).
(٣) المصدر السابق، (ص ٣٤٢).
(٤) الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي، (٤/ ١٦٩).
(٥) مختصر المنتهي، لابن الحاجب، (٢/ ١٢٠٤).
(٦) أبو الخير، ناصر الدين، عبد الله بن عمر بن محمد بن علي القاضي، البيضاوي، من مصنفاته: الغاية القصوى في الفقه، والمنهاج في أصول الفقه، ومختصر الكشاف في التفسير، توفي سنة ٦٨٥ هـ. سير أعلام النبلاء، للذهبي، (٨/ ١٥٥)، شذرات الذهب، لابن العماد، (٧/ ٦٨٥).
(٧) اللمع في أصول الفقه، لأبي إسحق إبراهيم بن علي الشيرازي، تحقيق: محيي الدين ديب مستو، ويوسف علي بديوي، دار الكلم الطيب، ودار ابن كثير، دمشق، ط ١، ١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م، (ص ٢٥٨).